للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الأصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ السُّجُودِ. النَّوْعُ الثَّانِى، أن يَأْتِىَ فيها بذِكْرٍ أو دُعَاءٍ لم يَرِد الشَّرْعُ به فيها، كَقَوْلِه: "آمِين رَبَّ العَالَمِينَ". وقولِه في التَّكْبِيرِ: "اللهُ أكْبَرُ كَبِيرًا"، ونحو ذلك. فهذا لا يُشْرَعُ له السُّجُودُ؛ لأنَّه رُوِىَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه سَمِعَ رَجُلًا يقولُ في الصَّلَاةِ: الحَمْدُ لِلّهِ حَمْدا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فيه كما يُحِبُّ رَبُّنَا ويَرْضَى (٥٧). فلم يَأْمُرْهُ بالسُّجُودِ.

فصل: وإذا جلسَ [في مَوْضِعٍ لِلتَّشَهُّدِ] (٥٨) قَدْرَ جِلْسَةِ الاسْتِرَاحَةِ، فقال القاضي: يَلْزَمُه السُّجُودُ، سَوَاءٌ قُلْنا: جِلْسَةُ الاسْتِرَاحَةِ مَسْنُونَةٌ أو لم نَقُلْ ذلك؛ لأنَّه لم يُرِدْهَا بِجُلُوسِهِ، إنما أرادَ غيرَها فكان سَهْوًا. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَهُ؛ لأنَّه فِعْلٌ لو تَعَمَّدَهُ (٥٩) لم تَبْطُلْ (٦٠) صَلَاتُه، فلا يَسْجُدُ لِسَهْوِه، كالعَمَلِ اليَسِيرِ من غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ.

فصل: قوله: "أو جَهَرَ في مَوْضِعِ تَخافُتٍ، أو خَافَتَ في مَوْضِعِ جَهْرٍ". وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الجَهْرَ والإِخْفَاتَ في مَوْضِعِهِما من سُنَنِ الصَّلَاةِ، لا تَبْطُلُ الصَّلاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا. وإن تَرَكَهُ سَهْوًا، فهل يُشْرَعُ له السُّجُودُ من أجْلِه؟ فيه عن أحمدَ رِوَايتان: إحْدَاهما، لا يُشْرَعُ. قال الحسنُ، وعَطَاءٌ، وسَالِمٌ، ومُجَاهِدٌ، والقَاسِمُ، والشَّعْبِىُّ، والحَاكِمُ: لا سَهْوَ عليه. وجَهَرَ أنَسٌ في الظُّهْرِ والعَصْرِ ولم يَسْجُدْ، وكذلك عَلْقَمَةُ والأسْوَدُ. وهذا مَذْهَبُ الأوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه سُنَّةٌ، فلا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ، كَرَفْعِ اليَدَيْنِ. والثَّانِيَةُ، يُشْرَعُ. وهو مَذْهَبُ


(٥٧) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، من كتاب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٩٣، ١٩٤. والنسائي، في: باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى ٢/ ١١٢.
(٥٨) في م: "للتشهد في غير موضعه".
(٥٩) في الأصل: "عمده".
(٦٠) في م زيادة: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>