مَرَضَها، فليس بمَكْرُوهٍ بحالٍ؛ لأنَّ ذلك لا يُكْرَهُ في الإحْرامِ، فلا يُكْرَهُ في الصِّيامِ، كلَمْسِ ثَوْبِها.
فصل: ولو اسْتَمْنَى بِيَدِه، فقد فَعَلَ مُحَرَّمًا، ولا يَفْسُدُ صَوْمُه به إلَّا أن يُنْزِلَ، فإن أنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُه؛ لأنَّه في مَعْنَى القُبْلَةِ في إثارَةِ الشَّهْوَةِ. فأمَّا إن أنْزَلَ لغيرِ شَهْوَةٍ، كالذى يَخْرُجُ منه المَنِىُّ أو المَذْىُ لِمَرَضٍ، فلا شىْءَ عليه؛ لأنَّه خَارِجٌ لغيرِ شَهْوَةٍ، أشْبَهَ البَوْلَ، ولأنَّه يَخْرُجُ من غيرِ اخْتِيَارٍ منه، ولا تَسَبُّبٍ إليه، فأشْبَهَ الاحْتِلامَ. ولو احْتَلَمَ لم يَفْسُدْ صَوْمُه، لأنَّه عن غيرِ اخْتِيَارٍ منه، فأشْبَهَ مَا لو دَخَلَ حَلْقَهُ شيءٌ وهو نَائِمٌ. ولو جَامَعَ في اللَّيْلِ، فأنْزَلَ بعدَ ما أصْبَحَ، لم يُفْطِرْ؛ لأنَّه لم يَتَسَبَّبْ إليه في النَّهَارِ، فأشْبَهَ ما لو أكَلَ شيئا في اللَّيْلِ، فذَرَعَهُ القَيْءُ في النَّهارِ.
الفصل الخامس: إذا كَرَّرَ النَّظَرَ (٥٦) فأنْزَلَ، ولِتَكْرَارِ النَّظَرِ أيضا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؛ أحدُها، أنْ لا يَقْتَرِنَ به إنْزَالٌ، فلا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بغيرِ اخْتِلافٍ. الثانى، أن يَقْتَرِنَ به إنْزَالُ المَنِىِّ، فيَفْسُدُ الصَّوْمُ في قولِ إمَامِنَا، وعَطاءٍ، والحسنِ البَصْرِيّ، ومالِكٍ، والحسنِ بن صالِحٍ. وقال جابِرُ بن زَيْدٍ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا يَفْسُدُ؛ لأنَّه إنْزَالٌ عن غيرِ مُباشَرَةٍ، أشْبَهَ الإنْزَالَ بالفِكْرِ. ولَنا، أنَّه إنْزَالٌ بِفِعْلٍ يَتَلَذَّذُ به، ويُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، فأفْسَدَ الصَّوْمَ، كالإنْزَالِ باللَّمْسِ، والفِكْرُ لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، بِخِلافِ تَكْرَارِ النَّظَرِ. الثالث: مَذَى بتَكْرَارِ النَّظَرِ. فظاهِرُ كَلَامِ أحمدَ، أنَّه لا يُفْطِرُ به؛ لأنَّه لا نَصَّ في الفِطْرِ، ولا يُمْكِنُ قِيَاسُه على إنْزَالِ المَنِيِّ، لِمُخَالَفَتِه إيَّاه في الأحْكامِ، فيَبْقَى على الأصْلِ. فأمَّا إن نَظَرَ، فصَرَفَ بَصَرَهُ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه، سَوَاءٌ أنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ.