للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِه، ليَفْعَلنَّ أو ليَتْرُكَنَّ، فذلك عَقْدُ الأَيْمانِ (٦) التى فَرَضَ اللَّهُ فيها الكَفَّارَةَ (٧). وقال الثَّوْرِىُّ، فى "جامِعِه": الأيْمانُ أربَعَةٌ؛ يَمِينَانِ يُكَفَّران، وهو أَنْ يقولَ الرَّجلُ: واللَّه لا أفْعَلُ. فيَفْعَلُ. أو يقولَ: واللَّه لأَفْعَلَنَّ. ثم لا يَفْعَلُ. ويَمينان لا يُكَفَّران، أَنْ يقولَ: واللَّه ما فَعَلْتُ. وقد فَعَلَ، أو يقولَ: واللَّهِ لقد فعلتُ. وما فَعَلَ.

١٧٨٣ - مسألة؛ قال: (والْيَمِينُ المُكَفَّرَةُ، أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أسْمَائِهِ).

أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على أن مَنْ حَلَفَ باللَّه عَزَّ وجَلَّ، فقال: واللَّهِ، أو باللَّه، أو تاللَّه. فحنَثَ، أَنَّ عليه الكَفَّارَةَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: وكان مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، يقولُون: مَنْ حَلَفَ باسمٍ من أسماءِ اللَّه تعالَى، فحنَثَ، فعليه (١) الكَفَّارَةُ. ولا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا إذا كان من أسْماءِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، التى لا يُسَمَّى بها سِواهُ. وأسماءُ اللَّه تنْقَسِمُ ثلاثَةَ أقسامٍ؛ أحدُها، ما لا يُسَمَّى به (٢) غَيْرُه، نحو قولِه: واللَّهِ، والرَّحْمنِ، والأَوَّلِ الذى ليس قبلَه شىءٌ، والآخِرِ الذى ليس بعدَهُ شىءٌ، ورَبِّ العالمين، ومالِكِ يومِ الدِّين، ورَبِّ السَّمَواتِ والأَرْض، والحَىِّ الذى لا يَمُوتُ. ونحو هذا، فالحَلِفُ بهذا يمينٌ بكُلِّ حالٍ. والثانى، ما يُسَمَّى به غيرُ اللَّه تعالَى مجازًا، وإطْلاقُه يَنْصَرِفُ إلى اللَّهِ سُبْحانه، مثل؛ الخالِقُ، والرَّازِقُ، والرَّب، والرَّحِيمُ، والقادِرُ، والقاهِرُ، والمَلِك، والجبارُ. ونحوه، فهذا يُسمَّى به غيرُ اللَّه مَجازًا؛ بدليلِ قولِ اللَّه تعالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} (٣). {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} (٤). وقوله: {ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ} (٥). و {اذْكُرْنِى عِنْدَ رَبِّكَ} (٦). {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} (٦).


(٦) فى أ: "اليمين".
(٧) تقدم فى المسألة السابقة.
(١) فى، م: "أن عليه".
(٢) فى ب، م: "بها".
(٣) سورة العنكبوت ١٧.
(٤) سورة الصافات ١٢٥.
(٥) سورة يوسف ٥٠.
(٦) سورة يوسف ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>