للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبِيتِ بمُزْدَلِفةَ ومِنًى، والرَّمْىِ، وتحلَّل بعُمْرةٍ، ويَمْضِى (٢٨) بالحجِّ الفاسدِ ماشيًا، حتى يتحَلَّل منه.

١٨٥٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ، فَهِىَ الَّتِى تُجْزِئُ عنِ الوَاجِبِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نوَى رَقَبَةً بِعَيْنِهَا)

يَعْنِى: لا تجزئُه إِلَّا رَقبةٌ مُؤمِنةٌ سَلِيمةٌ من العيوبِ المُضِرَّةِ بالعَملِ، وهى التى تُجْزِئُ فى الكفَّارةِ؛ لأنَّ النَّذْرَ المُطلَقَ يُحْمَل على المعهودِ فى الشَّرْعِ، والواجبُ بأصلِ الشرعِ كذلك. وهذا أحدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشَّافعىِّ، والوجهُ الآخرُ: يُجْزِئُه أىُّ رقبةٍ كانتْ صحيحةً أو مَعيبةً، مُسلِمةً أو كافرةً؛ لأنَّ الاسْمَ يتَناولُ جميعَ ذلك. ولَنا، أَنَّ المُطْلَقَ يُحْمَلُ على معهودِ الشَّرْعِ، وهو الواجبُ فى الكفَّارةِ، وما ذكَروه يبْطُل بنَذْرِ المَشْى إلى بيتِ اللَّهِ الحرامِ، فإنَّه لا يُحْمَلُ على ما تناوَله الاسْمُ. فأمَّا إن نَوَى رَقَبةً بعَيْنِها، أجْزَأَه عِتْقُها، أىَّ رقبةٍ كانتْ؛ لأنَّه نَوَى بلفظِه ما يَحْتَمِلُه. وإِنْ نوَى ما يقعُ عليه اسمُ الرَّقبةِ، أَجْزَأَه ما نوَاه، لِما [ذكَرْنا، فإِنَّ] (١) المُطْلقَ يتَقَيَّدُ بالنِّيَّةِ، كما يتَقيَّدُ بالقَرِينةِ اللَّفْظِيَّةِ. قال أحمدُ، فى مَن نَذَرَ عِتْقَ عبدٍ بعَيْنه، فماتَ قبلَ أَنْ يَعْتِقَه: تَلْزَمُه كفارةُ يَمِينٍ، ولا يَلْزَمُه عِتقُ عبدٍ؛ لأنَّ هذا شىءٌ فاتَه، على حديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ (٢)، وإليه أذْهَبُ فى الفائتِ وما عُجِزَ عنه.

فصل: وإذا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا، لم يُجْزِئْه إِلَّا ما يُجْزِئُ فى الأُضْحيَةِ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشَّافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه؛ لأنَّ المُطْلَقَ يُحْمَلُ على مَعْهودِ الشَّرْعِ. وإِنْ عيَّنَ الهَدْىَ بلفظِه، أو نِيَّتِه، أَجْزَأَه ما عَيَّنَه، صغيرًا كان أو كبيرًا، جليلًا كان (٣) أو حَقِيرًا؛ لأنَّ ذلكَ يُسمَّى هَدْيًا، قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا أهْدَى بَيْضَةً" (٤). وإنَّما صَرَفْنا المُطْلَقَ إلى مَعْهودِ الشَّرْعِ؛ لأنَّه غَلَبَ (٥) على الاسْمِ، كما لو


(٢٨) فى م: "يمشى".
(١) فى م: "ذكرناه إن".
(٢) تقدم تخريحه، فى: صفحة ٦٢٦.
(٣) سقط من: ب.
(٤) تقدم تخريجه، فى: ٣/ ١٦٥.
(٥) فى ب: "أغلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>