للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في الأُخْرَى] (٢١) وَجْهانِ، بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، إلَّا أنَّهما إن كانت قُفْزَانُهُما مَعْلُومةً، أو قَدْرُ أحَدِهِما مَعْلُومًا من الأُخْرَى، فالأَوْلَى صِحّتُه؛ لأنَّ قِسْطَ الأَجْرِ فيها مَعْلُومٌ، وإن لم يكُنْ كذلك، فالأَوْلَى بُطْلَانُه؛ لِجَهالةِ العِوَضِ فيها. التاسعة، قال: لِتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ، وهى عَشَرَةُ أقْفِزَةٍ، بدِرْهَمٍ، فإن زادَتْ على ذلك، فالزّائِدُ بحِسَابِ ذلك. صَحَّ في العَشَرَةِ؛ لأنَّها مَعْلُومةٌ، ولم يَصِحَّ في الزِّيَادَةِ؛ لأنَّها مَشْكُوكٌ، فيها، ولا يجوزُ العَقْدُ على ما يُشَكُّ فيه. العاشرة، قال: لِتَحْمِلَ لي (٢٢) هذه الصُّبْرَةَ، كلَّ قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ، فإنَّ قَدِمَ لي طَعَامٌ فَحمَلْتَهُ، فبِحِسَابِ ذلك. صَحَّ أيضًا في الصُّبْرَةِ، وفَسَدَ في الزِّيَادَةِ؛ لما ذَكَرْنَاهُ.

٩٠٧ - مسألة؛ قال: (وَمَنِ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَرَ الجَمَّالُ الرَّاكِبِينَ، والْمَحَامِلَ، والأغْطِيةَ، والأَوْطِئَةَ، لم يَجُزِ الْكِرَاءُ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على إجَازَةِ كِرَاءِ الإِبِلِ إلى مَكَّةَ وغيرها، وقد قال اللَّه تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} (١). ولم يُفَرِّقْ بين المَمْلُوكَةِ والمُكْتَرَاةِ. ورُوِى عن ابن عَبَّاسٍ، في قولِه تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (٢): أن تَحُجَّ وتَكْرِىَ. ونحوُه عن ابنِ عُمَرَ، ولأنَّ بالنَّاسِ حاجَةً إلى السَّفَرِ، وقد فَرَضَ اللهُ تعالى عليهم الحَجَّ، وأخْبَر أنَّهم يَأْتُونَ رِجَالًا (٣) وعَلَى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. وليس لكلِّ أحدٍ بَهِيمةٌ يَملِكُها، ولا يَقْدِرُ على مُعَانَاتِها، والقِيَامِ بها، والشَّدِّ عليها، فدَعَتِ الحاجَةُ إلى اسْتِئْجارِها، فجازَ، دَفْعًا لِلْحَاجَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فمن شَرْطِ صحَّةِ العَقْدِ مَعْرِفَةُ المُتَعاقِدَيْنِ ما عَقَدَا عليه؛ لأنَّه عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ


(٢١) في ب: "وفى الأخرى". وفي م: "وفى صحة الأخرى".
(٢٢) سقط من: الأصل.
(١) سورة النحل ٨.
(٢) سورة البقرة ١٩٨.
(٣) في الأصل زيادة: "وركبانا".

<<  <  ج: ص:  >  >>