يَتَوارَثا، وإِنْ ماتَ بعدَه، تَوارَثا. وهذا قولُ الشّافِعىِّ رَضِىَ اللَّهُ عنه. وتأوَّلَ القاضِى روايةَ أحمدَ، على مَن أسْلَمَ بعدَ انْقِضاءِ العِدّةِ. وإِنْ تزوَّجَها وهى حُبْلى مِنْ زَوْجٍ، أو زنًى، فالحُكْمُ فيه كالتى قَبْلَها سواءٌ؛ لأنَّ الزِّنَى مُوجِبٌ للعِدَّةِ. وبهذا قال الشَّافعىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى الحاملِ مِنْ زَوْجٍ. وقال أبو حنيفةَ، وأصحابُه، فى الحامِلِ مِنْ زَوْجِ: لَا يَتَوارَثانِ. وقال أبو حَنيفةَ، والشّافِعىُّ، فى الحامِلِ مِنَ الزِّنى: يتوارثان. وقال أبو يوسفَ، وزُفَرُ، واللُّؤْلُؤِىُّ: لا يتوارَثانِ. وأصْلُ الخِلافِ فى الميراثِ الاختلافُ فيما يُقَرَّانِ عليه إذا أسْلَما، أو تَحاكَما إلَيْنا، ونذكرُ ذلك فى مَوْضِعه إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: فأمَّا القَرابَةُ فَيَرِثُونَ بجمِيعِها، إذا أمْكَنَ ذلك. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عمرَ، علىٍّ، وابنِ مَسْعودٍ، وابنِ عَبّاسٍ، وزَيْدٍ فى الصَّحِيحِ عنه. وبه قال النّخَعِىُّ، والثّورِىُّ، وقَتادَةُ، وابنُ أبى لَيْلَى، وأبو حَنيفةَ، وأصْحابُه، ويحيى بنُ آدمَ، وإسْحاقُ، وداودُ، والشّافِعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه. واختارَه ابنُ اللَّبَّانِ. وعنْ زيدٍ، أنَّه وَرَّثَه بأقْوَى القرابَتَيْنِ، وهى التى لا تَسْقُطُ بحالٍ. وبه قال الحسَنُ، والزّهْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، ومالِكٌ، واللّيْثُ، وحَمّادٌ، وهو الصَّحِيحُ عن الشَّافِعىِّ. وعن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، ومَكْحولٍ، والشّعْبىِّ، القولانِ جميعًا، واحْتَجُّوا بأنَّهما قَرابتانِ، لا يُورَثُ بهما فى الإِسلامِ، فلا يُورَثُ بهما فى غيرِه، كما لو أسْقَطَتْ إحْداهما الأُخْرَى. ولَنا، أَنَّ اللَّهَ تعالى فَرَضَ للأُمِّ الثُّلُثَ، وللأُخْتِ النِّصْفَ، فإذا كانتِ الأُمُّ أُخْتًا، وَجَبَ إعْطاؤُها ما فَرَضَ اللَّه تعالى لها (١٣) فى الآيَتَيْنِ، كالشَّخْصَيْنِ، ولأنَّهما قَرابتانِ، تَرِثُ بِكُلِّ واحدةٍ منهما مُنْفَرِدةً، لا تَحْجُبُ إحداهما الأُخْرى، ولا تَرْجُحُ بها، فتَرِثُ بهما مُجْتَمِعَيْنِ، كزَوْجٍ هو ابنُ عَمٍّ، أو ابنُ عَمٍّ هو أخٌ مِن أُمٍّ، وكَذَوِى الأرْحامِ المُدْلِين بِقَرابَتَيْنِ. وقياسُهم فاسدٌ؛ لأنَّ القَرابَتَيْنِ فى الأصْلِ تُسْقِطُ إحْداهما الأُخْرى إذا كانتا فى شَخْصَيْنِ، فكذلِكَ إذا كانَتا فى شَخْصٍ. وقولُهم: لا يُورَثُ بهما فى الإِسْلامِ. ممنوعٌ، فإنَّه إذا وُجِدَ ذلك