للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مهرِ كلِّ واحدةٍ منهما، فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو قولُ ابنِ حامدٍ، ومذهبُ أهلِ الرَّأْىِ، وأحَدُ قَوْلَى الشَّافعىِّ. وقال فى الآخَرِ: يَلْزمُ كلَّ واحدةٍ منهما مهرُ مِثْلِها. وعلى قولِ أبى بكرٍ من أصحابِنا، يكونُ ذلك عليهما نِصْفَيْنِ. وأصلُ هذا فى النِّكاحِ إذا تَزَوَّجَ اثنتَيْنِ بصداقٍ واحدٍ. وقد ذكرناه فى موضعِه (١٧). فإن كانتْ إحْداهما رَشِيدةً، والأُخْرَى مَحْجورًا عليها لسَفَهٍ، فقالَتا: قد شِئْنا. وقَعَ الطَّلاقُ عليهما، ووَجَبَ على الرشِيدةِ قِسْطُها مِن العِوَضِ، ووقعٍ طَلاقُها بائنًا، ولا شىءَ على المَحْجُورِ عليها، ويكونُ طَلاقها رَجْعِيًّا؛ لأنَّ لها مشيئةً، ولكنَّ الحَجْرَ مَنَع (١٨) صِحَّةَ تَصرُّفِها ونُفوذَه، ولهذا يَرْجِعُ إلى مَشِيئةِ المَحْجُورِ عليه فى النِّكاحِ، وفيما تأكلُه. وكذلك إن كانتْ غيرَ بالغةٍ، إلَّا أنَّها مُمَيِّزَةٌ، فإن لها مَشِيئةً صحيحةً، ولهذا يُخَيَّرُ الغلامُ بينَ أبَويْه إذا بلغَ سبعًا. وإِنْ كانت إحْداهما مَجْنونةً أو صغيرةً غيرَ مُمَيِّزةٍ، لم تَصِحَّ المَشِيئةُ منهما، ولم يَقَعِ الطَّلاقُ. وفى كلِّ موضعٍ حَكَمْنَا بوُقوعِ الطَّلاقِ، فإنَّ الرَّشيدةَ يلزمُها قِسْطُها مِنَ العِوَض، [وهو قِسْطُ مَهْرِها مِنَ العِوَضِ] (١٩)، فى أحَدِ الوجهَيْنِ، وفى الآخَرِ نِصْفُه. وإن قالتْ له امْرأتاه: طلِّقْنا بألفٍ بينَنا نصْفَيْنِ. فطلَّقَهما، فعلى كلِّ واحدةٍ منهما نصفُه، وجهًا واحدًا. وإن طلَّقَ إحْداهما وحدَها، فعليها نصفُ الألْفِ. وإن قالتا: طلِّقْنا بألفٍ. فطلَّقَهما، فالألْفُ عليهما على قَدْرِ صَداقَيْهِما، فى أصحِّ الوَجْهَيْنِ. وإن طلَّقَ إحْداهما، فعلها حِصَّتُها منه. وإن كانتْ إحْداهما غيرَ رَشِيدةٍ، فَطَلَّقَهما، فعلى الرشيدةِ حِصتها مِن الألفِ، ويَقعُ طلاقُها بائنًا، وتَطْلُقُ الأخْرَى طلاقًا رَجْعِيًّا، ولا شىءَ عليها.

فصل: ويَصحُّ الخُلْعُ مع الأجْنَبِىِّ، بغيرِ إذنِ المرأةِ، مثل أن يقولَ الأجْنَبِىُّ للزَّوجِ: طلِّق امرأتك بألفٍ علىَّ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يَصحُّ؛ لأنَّه سَفهٌ،


(١٧) تقدم فى صفحة ١٧٥.
(١٨) فى ب، م: "مع".
(١٩) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>