للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فى مَعْرِفَةِ ذلك إلى قولِ عَدْلَيْنِ مِن أطِبَّاءِ المسلمين. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشّافعىِّ. وذَكَرَ بعضُهم أنَّه يُلاعِنُ فى الحالَيْنِ بالإِشارةِ؛ لأنَّ أُمَامَةَ بنتَ أبى العاصِ أصْمَتَتْ، فقيل لها: لِفُلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا؟ فأشارتْ أَنْ نَعَم. فرأوا أنَّها وَصِيَّةٌ. وهذا لا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّه لم يُذْكَرْ مَن الرّاوِى لذلك، ولم يُعْلَم أنَّه قولُ مَن قوُله حُجَّةٌ، ولا عُلِم هل كان ذلك لخَرَس يُرْجَى زَوالُه أو لا؟ وقال أبو الخَطَّاب فى مَن اعْتُقِل لِسانُه، وأُيِسَ مِن نُطْقِه: هل يَصِحُّ لِعانُه بالإِشارَةِ؟ على وَجْهَيْنِ.

فصل: وكُلُّ موضعٍ لا لِعانَ فيه، فالنَّسَبُ لَاحِقٌ فيه، ويَجِبُ بالقَذْفِ مُوجَبُه مِن الحَدِّ والتَّعْزِيرِ، إلّا أَنْ يَكُونَ القاذِفُ صَبِيًّا، أو مجنونًا، فلا ضَرْبَ فيه، ولا لِعانَ. كذلك قال الثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشّافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال: ولا أحْفَظُ عن غيرِهم خِلافَهم.

الفصلُ الثّانى: أنَّه لا لِعانَ بينَ غيرِ الزَّوجينِ، فإذا قَذَفَ أجْنَبِيَّةً مُحْصَنَةً، حُدَّ ولم يُلاعَن، وإِنْ لم تَكُنْ مُحْصَنَةً عُزِّرَ، ولا لِعانَ أيضًا. ولا خِلافَ فى هذا؛ وذلك (٣١) لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٣٢). ثم خَصّ الزَّوْجات مِن عُمومِ هذه الآيةِ بقولِه سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. ففيما عَداهُنَّ يَبْقَى على قَضِيَّةِ العُمومِ. وإِنْ مَلَكَ أمَةً، ثم قَذَفَها، فلا لِعانَ، سَواءٌ كانت فِراشًا له، أو لم تَكُنْ، ولا حَدَّ عليه بقَذْفِها، ويُعَزَّرُ. فإنْ أتَتْ بَوَلَدٍ نَظَرْنا؛ فإنْ لم يَعْتَرِفْ بوَطْئِها، لم يَلْحَقْه نَسَبُه، ولم يَحْتَجْ إلى نَفْيِه، وإن اعْتَرَفَ بوَطْئِها، صارتْ فراشًا له. وإذا أتَتْ بِوَلَدٍ لمُدَّةِ الحَمْلِ مِن يومِ الوَطْء لَحِقَه. وبهذا قال مالكٌ، والشّافعىُّ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا تَصِيرُ فراشًا له حتى يُقِرَّ بولدِها، فإذا أقَرَّ به صارتْ فراشًا له (٣٣)، ولَحِقَه أولادُها بعدَ ذلك؛ لأنَّها لو


(٣١) سقط من: الأصل.
(٣٢) سورة النور ٤.
(٣٣) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>