للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا مات الزَّوْجانِ، واختلَفَ وَرَثَتُهما، قام وَرَثَةُ كلِّ إنسانٍ مَقامَه، إلَّا أنّ مَنْ يَحْلِفُ منهم على الإِثْباتِ يَحْلِفُ على البَتِّ، ومَنْ يَحْلِفُ على النَّفْى يَحْلِفُ على نَفْى العِلْمِ؛ لأنَّه يَحْلِفُ على نَفْى فِعْلِ الغيرِ. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن مات أحدُ الزَّوْجينِ فكذلك، وإن مات الزَّوْجانِ، فادَّعَى وَرَثةُ المرأةِ التَّسْمِيةَ، وأنكْرَهَا وَرَثةُ الزَّوْجِ جُمْلةً، لم يُحْكَمْ عليهم بشىءٍ. قال أصحابُه: إنَّما قال ذلك إذا تقادَمَ العَهْدُ؛ لأنَّه تعذَّرَ الرُّجوعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّه تُعْتَبرُ فيه الصِّفاتُ والأوْقاتُ. وقال محمدُ بن الحسنِ: يُقْضَى بمَهْرِ المِثْلِ. وقال زُفَرُ: بعَشرةِ دَراهِم؛ لأنَّه أقَلُّ الصَّداقِ. ولَنا، أَنَّ ما اختَلَفَ فيه المُتعاقِدانِ، قام وَرَثتهما مَقامَهما، كالمُتَبايِعَيْنِ. وما ذكَرُوه ليس بصحيحٍ؛ لأنَّه لا يَسْقُطُ الحَقُّ لتَقادُمِ العَهْدِ، ولا يتعَذَّرُ الرُّجوعُ فى ذلك، كقِيَمِ سائرِ المُتْلَفاتِ.

فصل: وإن اختلَفَ الزَّوجُ وأبُو الصَّغِيرةِ والمَجْنُونةِ، قام الأبُ مَقامَ الزَّوْجةِ فى اليَمِينِ؛ لأنَّه يَحْلِفُ على فِعْلِ نَفْسِه، ولأنَّ قولَه مَقْبولٌ فيما اعْتَرفَ به من الصَّداقِ، فسُمِعَتْ يَمِينُه فيه، كالزَّوْجةِ، فإن لم يَحْلِفْ حتى بلَغَتْ وعَقَلَتْ، فاليَمِينُ عليها دونَه؛ لأنَّ الحقَّ لها، وإنَّما يَحْلِفُ هو لتعَذُّرِ اليَمِينِ من جِهَتِها، فإذا أمكَنَ فى حَقِّها، صارتِ اليَمِينُ عليها، كالوَصِىِّ إذا بَلَغ الأطْفالُ قُبِلَ يَمِينُه فيما يَحْلِفُ فيه. فأمَّا أبو (١١) البِكْرِ البالِغةِ العاقلةِ، فلا تُسْمَعُ مُخالَفَتُه (١٢)؛ لأنَّ الكَبِيرةَ قولُها مقبولٌ فى الصَّداقِ، والحَقُّ لها دُونَه. وأمَّا سائرُ الأوْلياءِ، فليس لهم تَزْويجُ صغيرةٍ، إلَّا على رِوايةٍ فى بِنْتِ تِسْعٍ، وليس لهم أن يُزَوِّجُوا بدُونِ مَهْرِ المِثْلِ. ولو زَوَّجَها (١٣) بدُونِ مَهْرِ المِثْلِ، ثَبَتَ مهرُ المثلِ من غيرِ يَمِينٍ. فإن ادَّعَى أَنَّه زَوَّجَها بأكثرَ من مَهْرِ مِثْلِها، فاليَمِينُ على الزَّوْجِ؛ لأنَّ القَوْلَ قولُه فى قَدْرِ مهرِ المِثْلِ.


(١١) سقط من: م.
(١٢) فى أ، م: "مخالفتها".
(١٣) فى أ، ب، م: "زوجوها".

<<  <  ج: ص:  >  >>