للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه اشْتَراهُ لِنَفْسِه أو لِلمُضَارَبةِ؛ لأنَّ الاخْتِلاف ههُنا في نِيَّتِه، وهو أعْلَمُ بما نَوَاهُ، لا يَطَّلِعُ على ذلك أحدٌ سِوَاه، فكان القولُ قولَه فيما نَوَاهُ، كما لو اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ في نِيَّةِ الزَّوْجِ بكِنَايَةِ الطَّلَاقِ. ولأنَّه أمِينٌ في الشِّراءِ، فكان القولُ قولَه، كالوَكِيل. ولو اشْتَرَى عَبْدًا، فقال رَبُّ المالِ: كنتُ نَهَيْتُكَ عن شِرَائِه. فأنْكَرَ العامِلُ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ النَّهْىِ. وهذا كله لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا.

فصل: وإن قال: أذِنْتَ لي في البَيْعِ نَسِيئةً وفى الشِّرَاءِ بعَشَرَةٍ. وقال: بل أَذِنْتُ لك في البَيْعِ نَقْدًا، وفى الشِّرَاءِ بخَمْسَةٍ. فالقولُ قولُ العامِلِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال أبو حنيفةَ. ويَحْتَمِلُ أن القولَ قولُ رَبِّ المالِ. وهو قولُ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الإِذْنِ. ولأنَّ القولَ قولُ رَبِّ المالِ في أصْلِ الإِذْنِ، فكذلك في صِفَتِه. ولَنا، أنَّهما اتَّفَقَا على الإِذْنِ، واخْتَلَفَا في صِفَتِه، فكان القولُ قولَ العامِلِ، كما لو قال: قد نَهَيْتُكَ عن شِرَاءِ عَبْدٍ. فأنْكَرَ النَّهْىَ.

فصل: وإن قال: شَرَطْتَ لي نِصْفَ الرِّبْحِ. فقال: بل ثُلُثَه. فعن أحْمَدَ فيه رِوَايَتانِ؛ إحْداهما: القولُ قولُ رَبِّ المالِ. نَصَّ عليه، في رِوَايةِ ابن المَنْصُورِ وسِنْدِىٍّ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، [وابنُ المُبَارَكِ] (٩)، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ يُنْكِرُ السُّدُسَ الزَّائِدَ واشْتِرَاطَه له، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. والثانية، أنَّ العامِلَ إذا ادَّعَى أجْرَ المِثْلِ، وزِيَادَةً يَتَغابَنُ الناسُ بمِثْلِها، فالقولُ قولُه، وإن ادَّعَى أكْثَرَ، فالقولُ قولُه فيما وافَقَ أجْرَ المِثْلِ. وقال الشَّافِعِىُّ: يَتَحالَفانِ؛ لأنَّهما اخْتَلَفَا في عِوَضِ عَقْدٍ، فيَتَحالفانِ، كالمُتَبَايِعَيْنِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (١٠). [ولأنَّه اخْتلافٌ] (١١) في المُضَارَبةِ، فلم


(٩) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٠) تقدم تخريجه في: ٦/ ٥٢٥.
(١١) في م: "ولأن الاختلاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>