للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٢٩ - مسألة؛ قال: (وَإذَا بَاعَ حَائِطًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ صَاعًا (١)، لَمْ يَجُزْ. وَإِنِ اسْتَثْنَى مِنْهُ نَخْلَةً أَوْ شَجَرَةً بِعَيْنِها، جَازَ)

الكلامُ فى هذه المَسْأَلَةِ فى فَصْلَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّه إذا باعَ ثَمَرَةَ بُسْتَانٍ، واسْتَثْنَى صَاعًا، أو آصُعًا، أو مُدًّا، أو أمْدادًا، أو باعَ صُبْرَةً واسْتَثْنَى منها مثلَ ذلك، لم يَجُزْ. ورُوِىَ ذلك عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والحسنِ، والشَّافِعِيِّ، والأوْزاعِيِّ، وإسْحَاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحَابِ الرَّأْى. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّه يجوزُ، وهو قولُ ابنِ سِيرِينَ، وسَالِمِ بن عبدِ اللهِ، ومالِكٍ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الثُّنْيَا إلَّا أن تُعْلَمَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (٢) وقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ صحِيحٌ (٣)، وهذه ثُنْيا مَعْلُومَةٌ، ولأنَّه اسْتَثْنَى مَعْلُومًا أَشْبَهَ ما (٤) إذا اسْتَثْنَى منها جُزْءًا. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن الثُّنْيَا. رَوَاهُ البُخارِيُّ (٥). ولأنَّ المَبِيعَ مَعْلُومٌ بالْمُشاهَدَةِ لا بالقَدْرِ، والاسْتِثْناءُ يُغَيِّرُ حُكْمَ المُشاهَدَةِ؛ لأنَّه لا يَدْرِى كم يَبْقَى فى حُكْمِ المُشاهَدَةِ، فلم يَجُزْ، ويُخالِفُ الجزْءَ؛ فإنَّه لا يُغَيِّرُ حُكْمَ المُشاهَدَةِ، ولا يَمْنَعُ المَعْرِفَةَ بها.

فصل: وإن باعَ شَجَرَةً، أو نَخْلَةً، واسْتَثْنَى أرْطالًا مَعْلُومَةً، فالحُكْمُ فيه كما لو باعَ حَائِطًا واسْتَثْنَى آصُعًا. وقال القاضى فى "شَرْحِه": يَصِحُّ؛ لأنَّ الصَّحابةَ، رَضِىَ اللَّه عنهم، أجازُوا (٦) اسْتِثْناءَ سَواقِطِ الشَّاةِ. والصَّحِيحُ، ما ذَكَرْناهُ. وهذا


(١) سقط من: الأصل.
(٢) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٣١.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) أخرجه مسلم، فى: باب النهى عن المحاقلة والمزابنة. . .، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٧٥. وأبو داود، فى: باب فى المخابرة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٥. والنسائى، فى: باب النهى عن بيع الثنيا حتَّى تعلم، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٦٠. ولم يروه البخارى. انظر تحفة الأشراف ٢/ ١٨٢، ١٨٣، ٢٢٤، ٢٨٩.
(٦) فى الأصل: "أجازت".

<<  <  ج: ص:  >  >>