للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وفى بَيْعِ العَلَقِ (١٠) التى يُنْتَفَعُ بها، مثلُ التى تُعَلَّقُ على وَجْهِ صاحِبِ الكَلَفِ (١١)، فتَمُصُّ الدَّمَ، والدِّيدان التى تُتْرَكُ فى الشَّصِّ، فَيُصادُ بها السَّمَكُ، وَجْهانِ؛ أصَحُّهُما جَوازُ بَيْعِها؛ لِحُصُولِ نَفْعِها، فهى كالسَّمَكِ. والثانى، لا يجوزُ؛ لأنَّها لا يُنْتَفَعُ بها، إلَّا نادِرًا، فأشْبَهَتْ ما لا نَفعَ فيه.

فصل: ويجُوزُ بَيْعُ دُودِ القَزِّ، وبَزْرِهِ (١٢). وقال أبو حنيفةَ، فى رِوايةٍ عنه: إن كان مع دُودِ القَزِّ قَزٌّ، جازَ بَيْعُه، وإلَّا فلا؛ لأنَّه لا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِه، فهو كالحَشَرَاتِ. وقيل: لا يجوزُ بَيْعُ بَزْرِهِ. ولَنا، أنَّ الدُّودَ حَيَوانٌ طاهِرٌ يجوزُ اقْتِناؤُه؛ لِتَمَلُّكِ ما يَخْرُجُ منه، أشْبَهَ البَهائِمَ، ولأنَّ الدُّودَ وبَزْرَه طاهِرٌ، مُنْتَفَعٌ به، فجازَ بَيْعُه، كالثَّوْبِ. وقولُه: لا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِه. يَبْطُلُ بالبَهائِمِ التى لا يَحْصُلُ منها نَفْعٌ، سِوَى النِّتاجِ، ويُفارِقُ الحَشَراتِ، التى لا نَفْعَ فيها أصْلًا، فإنَّ نَفْعَ هذه كَثِيرٌ؛ لأنَّ الحَرِيرَ الذى هو أشْرَفُ مَلابِس الدُّنْيَا، إنَّما يَحْصُلُ منها.

فصل: ويجوزُ بَيْعُ النَّحْلِ إذا شاهَدَها مَحْبُوسَةً، بحيث لا يُمْكِنُها أن تَمْتَنِعَ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ بَيْعُها مُنْفَرِدَةً؛ لما ذَكَرَ فى دُودِ القَزِّ. ولَنا، أنَّه حَيَوانٌ طاهِرٌ، يَخْرُجُ من بُطُونِها شَرابٌ فيه مَنافِعُ للنَّاسِ، فجَازَ بَيْعُه، كبَهِيمَة الأنْعَامِ. واخْتَلَفَ أصْحابُنا فى بَيْعِها فى كِواراتِها، فقال القاضِى: لا يجوزُ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ مُشاهَدَةُ جَمِيعِها، ولأنَّها لا تَخْلُو من عَسَلٍ يكون مَبِيعًا معها، وهو مَجْهُولٌ. وقال أبو الخَطَّابِ: يجُوزُ بَيْعُها فى كِواراتِها، ومُنْفَرِدَةً عنها، فإنَّه يُمكنُ مُشاهَدَتُها فى كِواراتِها إذا فُتِحَ رَأْسُها، ويُعْرَفُ كَثْرَتُه من قِلَّتِه، وخَفاءُ بعضِه لا يَمْنَعُ صِحَّةَ


(١٠) العلق: دويدة حمراء تكون فى الماء، تعلق بالبدن.
(١١) الكلف: لون يعلو الجلد، فيغير بشرته.
(١٢) سقط من الأصل.
قال فى المصباح: وقولهم لبعض الدود بزر القز مجاز على التشبيه ببزر البقل لأنه ينبت كالبقل. المصباح المنير (ب ز ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>