فأمَّا إنْ سَبَقَهُ بِركْعَتَيْنِ فرَكَعَ قبلَهُ، فلما أَرَادَ أنْ يَرْكَعَ رَفَعَ، فلما أَرَادَ أنْ يَرْفَعَ سجدَ عَمْدًا، بَطَلَتْ صلاتُهُ؛ لأنَّه لم يَقْتَدِ بِإِمَامِهِ في أكْثرِ الركعةِ. وإنْ فَعَلَهُ سهوًا، لم تَبْطُلْ صلاتُهُ؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. ولم يُعْتَدّ بتلْكَ الركعةِ؛ لعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بإمامِه فيها.
فصل: فإنْ سبقَ الإِمامُ المأمومَ بِرُكْنٍ كامِلٍ؛ مِثْل أنْ رَكَعَ ورَفَعَ قبلَ رُكُوعِ المأمومِ، لعُذْرٍ مِن نُعاسٍ أَوْ زِحَام أوْ عَجَلَةِ الإِمَامِ، فإِنَّه يَفْعَلُ ما سُبِقَ به، ويُدْرِك إمامَه، ولا شىءَ عليهِ. نَصَّ عليه أحمدُ. قالَ المَرُّوذِيُّ: قُلْتُ لأَبى عبدِ اللهِ: الإِمَامُ إذا سجدَ، فرَفَعَ رأسَه قبلَ أنْ أسْجُدَ؟ قال: إنْ كانَتْ سَجْدةً واحدَةً فاتْبَعْهُ إذا رفعَ رأسَه. وهذا لا أعلمُ فيه خلافًا. وإنْ سَبَقَهُ برَكْعَةٍ كاملةٍ أو أَكْثَرَ، فإنَّه يَتْبَعُ إمامَهُ، ويقْضِى ما سَبَقَهُ الإِمامُ به. قال أحمدُ، في رَجُلٍ نَعَسَ خَلْفَ الإِمامِ حتى صلَّى ركعتينِ؟ قال: كأنَّهُ أدْرَكَ رَكْعتَيْنِ، فإذَا سلَّمَ الإِمامُ صلَّى ركعتينِ، وإنْ سَبَقَهُ بأكثرَ مِن رُكْنٍ، وأقلَّ مِن ركعةٍ، ثم زَالَ عُذْرُه، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ أنَّه يَتْبَعُ إمامَهُ، ولا يعْتَدُّ بتلك الركعةِ؛ فإنَّه قال في رَجُلٍ ركعَ إمامُه وسجدَ وهو قائِمٌ لَا يَشْعُرُ، ولم يركعْ حتى سجدَ الإِمامُ، فقال: يسجُدُ معهُ، ويأْتِى بركعَةٍ مكانَها. وقالَ المَرُّوذِىُّ: قُلْتُ لأبي عبدِ اللهِ، الإِمامُ إذا سجدَ ورَفَعَ رأسهُ قبلَ أنْ أسجُدَ؟ قال: إن كانتْ سجدةً واحدةً فاتْبَعْهُ إذا رفَعَ رأسهُ، وإن كان سَجْدَتَانِ فلا يُعْتَدُّ بتلْكَ الركعةِ. وظاهِرُ هذا أنَّه متى سَبَقَهُ بركعتَيْنِ بَطَلَتْ تلكَ الرَّكْعَةُ. وإنْ سَبَقَهُ بِأقَلَّ مِن ذلكَ فَعَلَهُ وأَدْرَكَ إمامَه. وقال أصحابُنا، فيمَنْ زُحِمَ عن السُّجودِ يومَ الجُمُعَةِ: يَنْتَظِرُ زوَالَ الزِّحامِ ثم يسجُدُ ويَتْبَعُ الإِمامَ، ما لم يَخَفْ فوَاتَ الرُّكُوعِ في الثانيةِ مع الإِمامِ. وهذا يَقْتَضِى أنَّه يَفْعَلُ ما فاتَه، وإنْ كان أكثرَ مِن رُكْنٍ واحِدٍ. وهذا قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَه بأصْحابِه في صلاةِ عُسْفانَ (١٤)، حينَ
(١٤) عسفان: منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. معجم البلدان ٣/ ٦٧٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute