للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْخُذَ عليها العِوَضَ من غيرِه، فجازَ لها أخْذُه (١١) منه، كثَمَنِ مالِها. وقولُهم: إنَّها اسْتَحَقَّتْ عِوَضَ الحَبْسِ والاسْتِمْتاعِ. قُلْنا: هذا غيرُ الحَضَانةِ، واسْتِحْقَاقُ مَنْفَعةٍ من وَجْهٍ، لا يَمْنَعُ اسْتحْقاقَ مَنْفَعةٍ سواها بعِوَضٍ آخَرَ، كما لو اسْتَأْجَرَها أَوَّلًا ثم تَزَوَّجَها. وتَأْوِيلُ القاضِى كَلَامَ الخِرَقِىِّ، يُخَالِفُ الظّاهِرَ من وَجْهَيْنِ؛ أحَدهما، أنَّ الأَلِفَ واللَّامَ في الزَّوْجِ لِلْمَعْهُودِ (١٢)، وهو زَوْجُها أبو الطِّفْلِ. والثانى، أنَّها إذا كانت في حِبَالِ زَوْجٍ آخَرَ، لا تكونُ أحَقَّ به، بل يَسْقُطُ حَقُّها من الحَضَانةِ، ثم ليس لها أن تُرْضِعَ إلَّا بإِذْنِ زَوْجِها، ففَسَدَ التَّأْوِيلُ.

فصل: وتَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ بمَوْتِ المُرْضِعَةِ؛ لِفَوَاتِ المَنْفَعةِ بهَلَاكِ مَحلِّها. وحُكِى عن أبي بكرٍ: أنَّها لا تَنْفَسِخُ، ويَجِبُ في مالِها أجْرُ مَن تُرْضِعُه تَمَامَ الوَقْتِ؛ لأنَّه كالدَّيْنِ. ولَنا، أنَّه هَلَكَ المَعْقُودُ عليه، أشْبَهَ ما لو هَلَكَتِ البَهِيمَةُ المُسْتَأْجَرَةُ. وإن ماتَ الطِّفْلُ انْفَسَخَ العَقْدُ؛ لأنَّه يَتَعَذَّرُ اسْتِيفاءُ المَعْقُودِ عليه، لأنَّه لا يُمْكِنُ إقامَةُ غيرِه مُقَامَه، لِاخْتِلافِ الصِّبْيانِ في الرِّضَاعِ، واخْتِلَافِ اللَّبَنِ بِاخْتِلَافِهِم، فإنَّه قد يَدِرُّ على أحَدِ الوَلَدَيْنِ دونَ الآخَرِ. وهذا مَنْصُوصُ الشافِعِىِّ. وإذا انْفَسَخَ العَقْدُ عَقِيبَه، بَطَلَتِ الإِجَارةُ من أصْلِها، وَرجَعَ المُسْتَأجِرُ بالأجْرِ كلِّه، وإن كان في أثْناء المُدَّةِ، رَجَعَ بحِصَّةِ ما بَقِىَ.

٩٠٢ - مسألة؛ قال: (ويُسْتَحَبُّ أنْ تُعْطَى عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أوْ أمَةً، كَمَا جَاءَ فِي الخَبَرِ، إذا كَانَ المُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا)

يَعْنى بالخَبَرِ، ما رَوَى أبو دَاوُدَ (١)، بإسْنادِه، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عن أبِيه،


(١١) في الأصل: "أن تأخذه".
(١٢) في الأصل: "للمعقود".
(١) في: باب في الرضخ عند الفصال، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٤٧٦.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء ما يذهب مذمة الرضاع، من أبواب الرضاع. عارضة الأحوذى ٥/ ٩٨، والنسائي، في: باب حق الرضاع وحرمته، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٨٩. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>