للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنْصُوصَ عليه في الغَرَضِ، فكان تَنْصِيصُه على أحَدِهما إِذْنًا في الآخَرِ، كما لو اسْتَأْجَرَ أو اسْتَعارَ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ شيءٍ، كان إِذْنًا في زِرَاعَةِ مثلِه وما (١٠) دُونَهُ، ولو اكْتَرَى (١١) عَقَارًا كان له أن يُسْكِنَه مثلَه، ولو نَذَرَ صَلَاةً أو اعْتِكافًا في مَسْجِدٍ، جازَ الاعْتِكافُ والصلاةُ في غيرِه. وسواءٌ قَدَّرَ له الثَّمَنَ أو لم يُقَدِّرْهُ. [وإن عَيَّنَ له المُشْتَرِى، فقال: بِعْهُ فُلَانًا. لم يَمْلِكْ بَيْعَه لغيرِه، بغير خِلَافٍ عَلِمْناهُ، سواءٌ قَدَّرَ له الثَّمَنَ أو لم يقَدِّرْهُ] (١٢)؛ لأنَّه قد يكونُ له غَرَضٌ في تَمْلِيكِه إيَّاه دونَ غيرِه، إلَّا أن يَعْلَمَ الوَكِيلُ بقَرينَةٍ أو صَرِيحٍ أنَّه لا غرَضَ له في عَيْنِ المُشْتَرِى.

فصل: وإن وَكَّلَهُ في عَقْدٍ فاسِدٍ، لم يَمْلِكْهُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يَأْذَنْ فيه، ولأنَّ المُوَكِّلَ لا يَمْلِكُه، فالوَكِيلُ أَوْلَى. ولا يَمْلِكُ الصَّحِيحَ؛ لأنَّ المُوَكِّلَ لم يَأْذَنْ فيه. وبهذا قال الشّافِعِىّ. وقال أبو حنيفةَ: يَمْلِكُ الصَّحِيحَ؛ لأنَّه إذا أَذِنَ في الفاسِدِ، فالصَّحِيحُ أَوْلَى ولَنا، أنَّه أَذِنَ له في مُحَرَّمٍ، فلم يَمْلِك الحَلالَ بهذا الإِذْنِ، كما لو أَذِنَ في شِرَاءِ خَمْرٍ وخِنْزِيرٍ، لم يَمْلِكْ شِرَاءَ الخَيْلِ والغَنَمِ.

فصل: وإن وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبْدٍ أو حَيَوانٍ أو عَقَارٍ ونحوِه، أو شِرَائِه، لم يَمْلِكِ العَقْدَ على بَعْضِه؛ لأنَّ التَّوْكِيلَ تَنَاوَلَ جَمِيعَهُ، وفى التَّبْعِيضِ إِضْرَارٌ بالمُوَكِّلِ وتَشْقِيصٌ لِمِلْكِه، ولم يَأْذَنْ له (١٣) فيه. وإن وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبِيدٍ أو شِرَائِهِم، مَلَكَ العَقْدَ عليهم [جُمْلَةً، وواحِدًا] (١٤) واحدًا، لأنَّ الإِذْنَ يَتَناوَلُ العَقْدَ عليهم جُمْلَةً، والعُرْفُ في بَيْعِهِم وشِرَائِهِم العَقْدُ على واحدٍ واحدٍ، ولا ضَرَرَ في جَمْعِهِم ولا إِفْرَادِهم. وإن قال: اشْتَرِ لي عَبِيدًا صَفْقةً واحِدَةً، أو واحدًا واحدًا، أو بِعْهُم. لم تَجُزْ مُخَالَفَتُه؛ لأنَّ تَنْصِيصَه على


(١٠) في م: "فما".
(١١) في م: "اشترى".
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) سقط من: أ، ب، م.
(١٤) في أ، ب، م: "جملة واحدة واحدا واحدا".

<<  <  ج: ص:  >  >>