للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجْماعًا. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وأهلُ العِراقِ، ومالكٌ فى أهلِ الحِجازِ، والشَّافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبَيدٍ، وغيرُهم؛ لأنّ اللَّهَ تعالى قال: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}. وهذان شهرانِ مُتَتابعانِ: وإِنْ بَدَأ مِن أثناءِ شهرٍ، فصامَ سِتِّينَ يومًا. أجْزَأه، بغيرِ خِلافٍ أيضًا. قال ابنُ الْمُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا مَن نَحْفظُ عنه مِن أهل العلمِ. فأمَّا إنْ صامَ شهرًا بالهِلال، وشهرًا بالعَدَدِ، فصامَ خمسةَ عشرَ يومًا مِن المُحَرَّم، وصَفَرَ (٩) جميعَه، وخمسةَ عشرَ يومًا (١٠) مِن ربيعٍ، فإنَّه يُجْزِئُه، سواءٌ كان صَفَرُ تامًّا أو ناقصًا؛ لأنَّ الأصلَ اعتبارُ الشُّهُورِ بالأهِلَّة، لكنْ تَرَكْناه فى الشَّهْرِ الذى بَدَأ مِن وَسَطِه لِتَعَذُّرِه، ففى الشهرِ الذى أمْكَنَ اعتبارُه يَجبُ أَنْ يُعْتَبَرَ. وهذا مذهبُ الشّافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وَيتَوَجَّه أَنْ يُقال: لا يُجْزِئُه إلّا شَهْرانِ بالعَدَدِ؛ لأنَّنا لمَّا ضَمَمْنا إلى الخمسةَ عشرَ [من المُحَرَّمِ] (١١) خمسةَ عشرَ مِن صَفَر، فصار ذلك شهرًا، صار (١٢) ابتداءُ صومِ الشَّهْرِ الثَّانِى (١٣) مِن أثناءِ شهرٍ أيضًا. وهذا قولُ الزُّهْرىِّ.

فصل: فإنْ نَوَى صومَ شهرِ رمضانَ عن الكَفّارَةِ، لم يُجْزِئه عن رمضانَ، ولا عن الكَفَّارَةِ، وانْقَطَع التَّتابُعُ، حاضرًا كان أو مسافرًا؛ لأنَّه تَخَلَّلَ صومَ الكفَّارةِ فِطْر غيرُ مَشْروعٍ. وقال مُجَاهِدٌ، وطَاوُسٌ: يُجْزِئُه عنهما. وقال أبو حنيفةَ: إنْ كان حاضرًا، أجْزَأه عن رمضانَ دونَ الكفارةِ؛ لأنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ غيرُ مُشْتَرَطٍ لرمضانَ، وإِنْ كان فى سَفَرٍ، أجْزَأهُ عن الكَفَّارَةِ دونَ رمضانَ. وقال صاحباه: يُجْزِئُ عن رمضانَ دونَ الكفَّارةِ، سَفَرًا وحَضَرًا. ولَنا، أن رمضانَ مُتَعَيِّنٌ لصَوْمِه (١٤)، مُحَرَّمٌ صومُه عن غيرِه،


(٩) منع صفر من الصرف على قول أبى عبيدة. انظر: تاج العروس (ص ف ر) ١٢/ ٣٣٠، ٣٣١.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) فى أ، م: "صام".
(١٣) فى ب: "التالى".
(١٤) فى الأصل: "لصوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>