للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ البَرِّ: ليس المُخَنَّثُ الذى تُعْرَفُ فيه الفاحشةُ خاصَّةً، وإنَّما التَّخْنِيثُ (١١٤) شِدَّةُ (١١٥) التَّأْنِيثِ (١١٦) فى الخِلْقةِ، حتى يُشْبِهَ المرأةَ فى اللِّينِ، والكلامِ، والنَّظَرِ، والنَّغَمةِ، والعَقْلِ، فإذا كان كذلك، لم يكُنْ له فى النِّساءِ إرْب، وكان لا يَفْطِنُ لأُمورِ النِّساءِ، وهو من غيرِ أُولِى الإِرْبةِ الذين أُبِيحَ لهم الدخولُ على النِّساءِ، ألا تَرَى أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَمْنَعْ ذلك المُخَنَّثَ من الدُّخولِ على نِسائِه، فلمَّا سَمِعَه يَصِفُ ابْنةَ غَيْلانَ، وفَهِمَ أمْرَ النِّساءِ، أمَرَ بحَجْبِه؟

فصل: فأمَّا الرَّجُلُ مع الرجلِ، فلكلِّ واحدٍ منهما النَّظرُ من صاحِبِه إلى ما ليس بعَوْرةٍ. وفى حَدِّها رِوَايتان؛ إحداهما، ما بين السُّرّةِ والرُّكْبةِ. والأخرى الفَرْجانِ. وقد ذكَرْناهما فى كتابِ الصلاةِ (١١٧). ولا فَرْقَ بين الأمْرَدِ وذى اللِّحْيةِ، إلَّا أَنَّ الأمْرَدَ إن كان جميلًا، يُخافُ الفِتْنةُ بالنَّظَرِ إليه، لم يَجُزْ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إليه. وقد رُوِىَ عن الشَّعْبِىِّ، قال: قَدِمَ وَفْدُ عبدِ القَيْسِ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيهم غُلامٌ أمْرَدُ، ظاهِرُ الوَضَاءةِ، فأجْلَسَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-وراء ظَهْرِهِ. رواه أبو حَفْصٍ (١١٨). قال المَرُّوذِىُّ: سَمِعْتُ أبا بكرٍ الأعْيَنَ (١١٩) يقولُ: قَدِمَ علينا إنسانٌ من خُراسانَ، صديقٌ لأبى عبدِ اللَّه، ومعه غلامٌ ابنُ أخْتٍ له، وكان جميلًا، فمَضَى إلى أبى عبدِ اللَّه فحَدّثَه، فلما قُمْنَا خَلَا بالرَّجُلِ، وقال له: مَنْ هذا الغلامُ منك؟ قال: ابنُ أخْتِى. قال: إذا جِئْتَنِى لا يكونُ معك، والذى أرَى لك أن لا يَمْشِىَ


(١١٤) فى ب: "المخنث".
(١١٥) فى م: "بشدة".
(١١٦) فى ب: "التأنث".
(١١٧) فى: ٢/ ٢٨٤.
(١١٨) قال ابن حجر: إسناده واهٍ، انظر: باب ما جاء فى استحباب النكاح، من كتاب النكاح. التلخيص ٣/ ١٤٨. وإرواء الغليل ٦/ ٢١٢.
(١١٩) أبو بكر الحسن بن طريف الأعين، بغدادى، توفى سنة أربعين ومائتين. اللباب ١/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>