للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كُسْوَتِهِنَّ وطَعَامِهِنَّ". وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وجاءت هِنْدُ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالتْ: يا رَسُولَ اللَّه، إنَّ أبا سُفْيانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وليس يُعْطِينِى من النَّفَقةِ ما يَكْفِينِى ووَلَدِى. فقال: "خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمَعْرُوفِ". مُتَّفَقٌ عليه (٩). وفيه دلالةٌ على وُجُوبِ النَّفقةِ لها على زَوْجِهِا، وأنَّ ذلك مُقَدّرٌ بكِفَايَتِها، وأنَّ نَفَقةَ ولَدِه عليه دُونَها مُقَدّرٌ بكِفايَتِهم، وأنَّ ذلك بالمَعْرُوفِ، وأنَّ لها أن تَأخُذَ ذلك بنَفْسِها من غير عِلْمِه إذا لم يُعْطِها إيَّاه. وأمَّا الإِجماعُ، فاتَّفَقَ أهلُ العلمِ على وُجُوبِ نَفَقاتِ الزَّوجاتِ على أزْواجِهِنَّ، إذا كانوا بالِغينَ، إلَّا النَّاشِزَ منهُنَّ. ذكَره ابنُ المُنْذِرِ، وغيرُه. وفيه ضَرْبٌ من العِبْرةِ، وهو أنَّ المرأةَ مَحْبُوسةٌ على الزَّوْجِ، يَمْنَعُها من التَّصَرُّفِ والاكْتِسابِ، فلا بُدَّ من أن يُنْفِقَ عليها، كالعَبْدِ مع سَيِّدِه.

١٣٧٩ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رَحِمَه اللهُ تعالى: (وَعَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، مَالَا غِنًى (١) بِهَا عَنْهُ (٢)، وكُسْوَتُها)

وجملةُ الأمْرِ أنَّ المرأةَ إذا سَلَّمَتْ نَفْسَها إلى الزَّوجِ، على الوَجْهِ الواجبِ عليها، فلها عليه جميعُ حاجَتِها؛ من مَأْكولٍ، ومَشْروبٍ (٢)، ومَلْبُوسٍ، ومَسْكنٍ. قال أصحابُنا: ونَفَقَتُها مُعْتَبَرةٌ بحالِ الزَّوْجينِ جميعًا؛ فإن كانا مُوسِرَيْنِ، [فعليه لها] (٣) نفقةُ المُوسِرِينَ،


(٩) أخرجه البخاري، في: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون. . ., من كتاب البيوع، وفى: باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، من كتاب النفقات. صحيح البخاري ٣/ ١٠٣، ٧/ ٨٥. ومسلم، في: باب قضية هند، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم ٣/ ١٣٣٨، ١٣٣٩.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٩، ٢٦٠. والنسائي، في: باب قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، من كتاب القضاة. المجتبى ٨/ ٢١٦. وابن ماجه، في: باب ما للمرأة من مال زوجها، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٦٩. والدارمى، في: باب في وجوب نفقة الرجل على أهله، من كتاب النكاح، سنن الدارمي ٢/ ١٥٩.
(١) في أ، ب: "غناء".
(٢) سقط من: أ.
(٣) في م: "فلها عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>