للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْقَلَانَ، فَإنَّها إذَا دَارَتِ الرَّحَى فِي أُمَّتِى، كَانَ أهْلُهَا في رَاحَةٍ (٣٤) وعافِيَةٍ" (٣٥).

فصل: ومذهبُ أبي عبد اللَّه كَراهةُ نَقْلِ النِّساء والذُّرِّيَّةِ إلى الثُّغُورِ المَخُوفَةِ. وهو قولُ الحَسَنِ، والأَوْزاعِيِّ؛ لما روَى يزيدُ بن عبدِ اللَّه، قال: قال عمرُ: لا تُنْزِلُوا المسلمينَ ضَفَّةَ البَحْرِ. روَاه الأَثْرَمُ بإسْنادِه (٣٦). ولأَنَّ الثُّغورَ المَخُوفَةَ لا يُؤْمَنُ ظَفَرُ العَدُوِّ بها، وبمَنْ فيها، واسْتِيلاؤُهم على الذُّرِّيَة والنِّساء. قيل لأبي عبد اللَّه: فتخافُ على المُنْتَقِلِ بعيالِه إلى الثَّغْرِ الإِثْمَ؟ قال: كيف لا أخافُ الإِثْمَ، وهو يُعَرِّضُ ذُرِّيَتَه للمُشْرِكينَ؟ وقال: كُنْتُ آمُرُ بالتَّحَوُّلِ بالأَهْلِ والعيالِ إلى الشامِ قبلَ اليَوْمِ، فأنا أنْهَى عنه الآنَ؛ لأنَّ الأمرَ قد اقْتَرَبَ. وقال: لا بُدَّ لهؤلاء القومِ من يومٍ. قيل: فذلك في آخرِ الزَّمانِ. قال: فهذا آخِرُ الزَّمانِ. قيل: فالنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُقْرِعُ بين نسائِه، فأَيَّتَهَنَّ خرجَ سَهْمُها خرجَ بها (٣٧). قال: هذا الْواحِدَةَ (٣٨)، ليس الذُّرِّيَّةَ. وهذا من كلام أحمد محمولٌ على أنَّ غيرَ أهلِ الثَّغْرِ، لا يُسْتَحَبُّ لهم الانْتقالُ بأَهْلِهم إلى ثغْرٍ مَخُوفٍ، فأمَّا أهلُ الثَّغْرِ، فلا بُدَّ لهم من السُّكْنَى بأَهْلِهم, لولا (٣٩) ذلك لخَرِبَتِ الثُّغورُ وتَعَطَّلَت. وخَصَّ الثُّغورَ المَخُوفةَ، بدليلِ أنَّه اخْتارَ سُكْنَى دِمَشْقَ ونَحْوِها، مع كَوْنِها ثَغْرًا؛ لأنَّ الغالبَ سلامَتُها، وسلامةُ أهْلِها.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لأَهْلِ الثَّغْرِ أنْ يجْتَمِعوا في المسجدِ الأَعْظَمِ لصَلواتِهم كلِّها، ليكونَ أجْمَعَ لهم، وإذا حضرَ النَّفِيرُ صادَفَهُم مُجْتَمِعين، فيبلُغُ الخبرُ جميعَهم، وإنْ جاءَ خبرٌ يحْتاجون إلى سَماعِه، أو أمرٌ يُرادُ إعلامُهم به، يَعْلَمُونَه، ويراهُم عينُ (٤٠)


(٣٤) في أ: "راخية". وفي اللآلىء المصنوعة: "خير رخاء".
(٣٥) وأورده السيوطى، في: اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١/ ٤٦٣.
(٣٦) وأخرج عبد الرزاق. نحوه، في: باب الغزو في البحر، من كتاب الجهاد. المصنف ٥/ ٢٨٣، ٢٨٤.
(٣٧) تقدم تخريجه، في: ٩/ ٤٣٠.
(٣٨) في م: "للواحدة".
(٣٩) في أ: "ولولا".
(٤٠) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>