للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك اعتَبَرْناه بغَيْرِه ممَّا له صِفَةٌ تَظْهَر علَى الماء، كالحُرِّ إذا جُنِىَ عليه دوُنَ الْمُوضِحَة (١١) قَوَّمْناهُ كأنه عَبْدٌ، وإنْ شَكَّ في كَوْنِه يَمْنَع بَنَى علَى يَقينِ الطُّهُوريَّةِ؛ لأنها الأصلُ، فلا يَزُولُ عنه (١٢) بالشَّكِّ.

فصل: وإن كان الواقعُ في الماء ماء مُسْتعمَلا عُفِىَ عن يَسِيرهِ.

قال إسحاقُ بن منصور: قلتُ لأحمدَ: الرجلُ يتوضَّأُ، فيَنْتَضِحُ مِن وَضُوئِه في إنائِه؟ قال: لا بأسَ به.

قال إبراهيم النَّخَعِيُّ (١٣): لا بُدَّ من ذلك. ونحوه عن الحسن. وهذا ظاهر حال النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحابِه. لأنَّهم كانوا يتوَضَّؤُون مِن الأَقْداحِ والأَتْوَار (١٤)، ويَغْتَسِلُون مِن الجِفَان، وقد رُوِىَ أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ يغتسلُ هو ومَيْمُونَةُ مِن جَفْنَةٍ فيها أَثَرُ العَجِين (١٥)، واغْتَسل هو وعائشةُ مِن إناءٍ واحد (١٦) تخْتَلِفُ أَيْدِيهما فيه، كلُّ واحدٍ منهما يقولُ لِصاحبِه: "أَبْقِ لِى" (١٧). ومِثْلُ هذا لا يَسْلَمُ مِن رَشاشٍ يقَع في الماء، وإن كثُر الواقِعُ وتفَاحَش منَع علَى إحْدَى الرِّوايتَيْن.


(١١) أوضحت الشجة بالرأس: كشفت العظم، فهى موضحة.
(١٢) في م: "عنها".
(١٣) أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي، فقيه العراق، توفى سنة ست وتسعين. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٨٢. وقال الذهبي: توفى سنة خمس وتسعين. العبر ١/ ١١٣.
(١٤) التور: إناء يشرب فيه.
(١٥) هو الحديث الذي سبق تخريجه قريبًا.
(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) أخرجه الامام أحمد، في المسند ٦/ ٩١.
وبنحوه أخرجه البخاري، في: باب هل يدخل الجنب يده في الإناء، من كتاب الغسل. صحيح البخاري ١/ ٧٤. ومسلم، في: باب القدر المستحب من الماء في الجنابة وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٥٦، ٢٥٧. وأبو داود، في: باب الوضوء بفضل المرأة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٨، والنسائي، في: باب الرخصة في الاغتسال بفضل الجنب، من كتاب الطهارة، وفى: باب اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد، وباب الرخصة في ذلك، من كتاب الغسل والتيمم. المجتبى ١/ ١٠٨، ١٦٦. وابن ماجه، في: باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>