للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخُبزِ على دقيقِ الحِنْطَةِ، وخُبْزِها، فإنْ أعْطى من الشَّعِيرِ، لم يُجْزِئْه إِلَّا ضِعْفُ ذلك، كما لا يُجْزِئُ مِن حَبِّها إِلَّا ضِعْفُ ما يُجْزِئُ من حَبِّ البُرِّ.

فصل: والأَفْضَلُ إخْراجُ الحَبِّ؛ لأنَّ فيه خُروجًا من الْخِلافِ. قال أحمدُ: التَّمْرُ أعْجَبُ إلَىَّ، والدقيقُ ضعيفٌ، والتمرُ أحبُّ إلىَّ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ إخْراجُ الخُبْزِ أفْضلَ؛ لأنَّه أَنْفَعُ للمسكينِ (٢٠)، وأَقَلُّ كُلْفَةً، وأَقْرَبُ إلى حُصولِ المَقْصودِ منه [بعَيْنِه، فإِنَّ] (٢١) الظاهِرَ أَنَّ المسكينَ يأْكُلُه، ويَسْتَغْنِى به (٢٢) يومَه ذلك، والحَبُّ يَعْجِزُ عن طَحْنِه وعَجْنِه، فالظاهِرُ أنَّه يحْتاجُ إلى بَيْعِه، ثم يَشْتَرِى بثَمَنِه خُبْزًا، فيتكَلَّفُ حَمْلَ كُلْفَةِ البَيْعِ والشِّراءِ، وغَبْنَ البائعِ والمُشْتَرِى له، وتَأْخُّرَ حُصولِ النَّفْعِ به، وربما لم يحْصُلْ له بثَمَنِه من الخبزِ ما يَكْفِيه لِيَوْمِه، فيَفُوتُ المقْصودُ مع حُصولِ الضَّررِ.

فصل: ويَجِبُ أَنْ يكونَ المُخْرَجُ فى الكَفَّارَةِ سالمًا من العَيْبِ، فلا يكونُ الحَبُّ مُسَوَّسًا، ولا مُتَغَيِّرًا طعمُه، ولا فيه زُؤَانٌ (٢٣) أو تُرابٌ يحْتاجُ إلى تَنْقِيَتِهِ (٢٤)، وكذلك دَقيقُه وخُبْزُه؛ لأنَّه مُخْرَجٌ فى حَقِّ اللَّه تعالى، عمَّا وَجَبَ فى الذِّمَّةِ، فلم يَجُزْ أَنْ يكونَ مَعِيبًا، كالشَّاةِ فى الزَّكاةِ.

١٨٠٦ - مسألة؛ قال: (ولَوْ أَعْطَاهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ أَضْعَاف قِيمَتِهِ وَرِقًا، لَمْ يُجْزِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّه لا يُجْزِئُ فى الكَفَّارَةِ إخراجُ قِيمَةِ الطعامِ، ولا الكِسْوَةِ، فى قولِ إمامِنا ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. وهو ظاهِرُ قولِ مَن سَمَّيْنا قولَهم فى تَفْسيرِ الآيَةِ، فى المَسْأَلَةِ التى قَبْلَها. وهو الظاهِرُ (١) من قولِ عمرَ بنِ الخطاب، وابنِ عَبَّاسٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىِّ. وأجازَهُ الأَوْزاعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأَنَّ


(٢٠) فى أ، ب: "للمساكين".
(٢١) فى م: "بعته و".
(٢٢) فى م زيادة: "فى".
(٢٣) الزؤان: عشب ينبت بين أعواد الحنطة غالبا، حبه كحبها إلا أنه أصفر وأسود، وهو يخالط البر فيكسبه رداءة.
(٢٤) فى م: "تنقية".
(١) فى م: "ظاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>