للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرائرِ. ولا يجوزُ الجمعُ بين المرأةِ وأمِّها فى العَقْدِ؛ لما ذكَرْناه، ولأنَّ الأُمِّ إلى ابْنَتِها أقْرَبُ من الأُخْتَيْنِ، فإذا لم يُجْمَعْ بين الأُخْتَيْنِ فالمرأةُ وبِنْتُها أَوْلَى.

فصل: ولا يَحْرُمُ الجمعُ بين ابْنَتَى العَمِّ، وابْنَتِى الخالِ، فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ، لعَدَم النَّصِّ فيهما بالتَّحْرِيمِ، ودُخُولهما فى عُمُوم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}. ولأنَّ إحْدَاهما تَحِل لها الأخرَى لو كانت ذَكَرًا، وفى كَرَاهةِ ذلك روايتان؛ إحداهما: يُكْرَه. رُوِىَ ذلك عن ابنِ مسعودٍ. وبه قال جابرُ بن زيدٍ، وعَطاءٌ، والحسنُ، وسعيدُ بن عبد العزيز. ورَوَى أبو حَفْصٍ، بإسْنادِه عن عِيسَى بن طَلْحةَ، قال: نَهَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تُزَوَّجَ المرأةُ على ذِى قَرَابَتِها، كَرَاهِيَةَ (١٣) القَطِيعةِ (١٤). ولأنَّه مُفْضٍ إلى قطيعةِ الرحِمِ المأمورِ بصِلَتِها، فأقَلُّ أحْوالِه الكَرَاهةُ. والأُخْرَى، لا يُكْرَه. وهو قولُ سليمانَ بن يَسارٍ، والشَّعْبِىِّ، وحسن (١٥) بن حَسَنٍ، والأوْزَاعىِّ، والشافعىِّ، واسْحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّه ليست بينهما قَرابةٌ تُحَرِّمُ الجمعَ، فلا يَقْتَضِى كَرَاهَتَه، كسائرِ الأقارِبِ.

١١٤٨ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ، ولَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ وأَبِيهِ، وحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا، والجَدُّ وإِنْ عَلَا فِيمَا قُلْتُ بمَنْزِلةِ الْأَبِ، وابْنُ الْابْنِ فِيهِ وَإِنْ سَفلَ بِمَنْزِلَةِ الْابْنِ)

وجملةُ ذلك أَنَّ المرأةَ إذا عَقَدَ الرجلُ عَقْدَ النكاحِ عليها، حَرُمَتْ على أبِيه بمُجَرَّدِ العقدِ عليها؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} (١) وهذه من حَلائلِ أبنائِه، وتَحْرُمُ على أبيه لقولِه سبحانه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} (٢) وهذه قد نَكَحَها أبوه، وتَحْرُمُ أُمُّها عليه لقولِه سبحانه: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} (١) وهذه مِنْهُنَّ. وليس فى هذا


(١٣) فى ب: "كراهة".
(١٤) وأخرجه عبد الرزاق، فى: باب ما يكره أن يحمع بينهن من النساء، من كتاب النكاح. المصنف ٦/ ٢٦٣،
(١٥) فى أ، م: "وحسين". وفى حاشية ب تعريف به لم نستطع قراءته جميعه، وفيه أنه كان من أفاضل أهل المدينة وعقلائهم، ومن مشاهير التابعين، سمع أباه.
ولعله: الحسن ين الحسن بن على بن أبى طالب، ثقة، توفى سنة سبع وتسعين. تهذيب التهذيب ٢/ ٢٦٣.
(١) سورة النساء ٢٣.
(٢) سورة النساء ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>