للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه (٤). وفى روايةِ أبِى داودَ: "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، ولَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، ولَا الْمَرْأَةُ عَلى خَالَتِهَا، ولَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، لَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، ولَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى" (٤). ولأنَّ العِلّةَ فى تَحْرِيمِ الجمعِ بين الأُخْتَيْنِ إيقاعُ العَدَاوةِ بين الأقارِبِ، وإفْضاؤُه إلى قَطعةِ الرَّحِمِ المُحَرَّمِ (٥)، وهذا موجودٌ فيما ذكَرْنا. فإن احْتَجُّوا بعُمُومِ قولِه سبحانه: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٦). خَصَّصْناه بما رَوَيْناه. وبَلَغنا أَنَّ رَجُلَيْنِ من الْخَوارجِ أتَيَا عمرَ بن عبدِ العزيزِ، فكان ممَّا أنْكَرَا عليه رَجْمَ الزَّانِيَينِ (٧)، وتحريمَ الجَمْعِ بين المرأةِ وعَمتِها، وبينها وبين خالَتِها، وقالا: ليس هذا فى (٨) كتابِ اللَّه تعالى. فقال لهما: كَمْ فَرَضَ اللَّهُ عليكم من الصلاةِ؟ قالا: خَمْسَ صَلَواتٍ فى اليومِ والليلةِ. وسَأَلَهما عن عددِ رَكعاتِها، فأخْبَراه بذلك، وسأَلَهُما عن مِقْدارِ الزَّكاةِ ونُصبِها، فأخْبَراه. فقال: فأيْنَ (٩) تَجِدانِ ذلك فى كتابِ اللَّهِ؟ قالا: لا نَجِدُه فى كتابِ اللَّه. قال: فمِن أين صِرْتُما إلى ذلك؟ قالا: فَعَلَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمونَ بعدَه. قال: فكذلك هذا. ثم لا فَرْقَ بين الخالةِ والعَمَّةِ، حقيقةً أو مجازًا، كعَمَّاتِ آبائِها وخالاتِهِم، وعَمَّاتِ أُمَّهاتِها وخالاتِهِنَّ، وإن عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ، من نَسَبٍ كان ذلك أو من (١٠) رَضَاعٍ، فكلُّ شَخْصَيْنِ لا يجوزُ لأحَدِهِما أن يتزَوَّجَ الآخَرَ، لو كان أحَدُهما ذكرًا والآخرُ أنْثَى لأجْلِ القَرابةِ، لا يجوزُ الجمعُ بينهما، لتَأْدِيَةِ ذلك إلى قَطيعةِ (١١) الرَّحِمِ القَرِيبةِ، لما فى الطِّباعِ (١٢) من التَّنافُسِ والغَيْرةِ بين


(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٥١٣.
(٥) سقط من: أ.
(٦) سورة النساء ٢٤.
(٧) فى م: "الزانى".
(٨) سقط من: م.
(٩) فى م: "فهل".
(١٠) سقط من: ب.
(١١) فى الأصل، ب: "قطع".
(١٢) فى الأصل: "ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>