للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْذُ المِنْدِيلِ بعدَ الوُضُوءِ عُثْمان، والحسن بن عَلِىّ، وأَنَس، وكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ. ونَهَى عنه جَابرُ بن عبد اللَّه. وكَرِهَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بن مَهْدِىّ، وجَماعةٌ مِنْ أهْلِ العِلْمِ؛ لأنّ مَيْمُونة رَوَتْ (١٩) أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اغْتَسَلَ فأتَيْتُه بالمِنْدِيلِ، فلم يُرِدْها، وجَعَلَ يَنْفُضُ الماءَ بيَدِهِ. مُتَّفَقٌ عليه (٢٠). والأَوَّلُ أصَحُّ، لأنَّ الأصْلَ الإِبَاحَةُ، وتَرْكُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَدُلُّ عَلَى الكَرَاهةِ، فإنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد يَتْرُكُ المُبَاحَ كما يَفْعَلُهُ، وقد رَوَى أبو بكر في "الشَّافِى" بإسْنَادِهِ، عَنْ عُرْوَة، عن عائِشَة، قالت: كانَ لِلنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خِرْقَةٌ يتَنَشَّفُ بها بَعْدَ الوُضُوء. وسُئل أحْمد عن هذا الحَدِيث، فقال: مُنْكَرٌ مُنْكَرٌ. ورُوىَ عن قَيْس بن سَعْدٍ، أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اغْتَسَلَ، ثم أتَيْنَاهُ بمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ (٢١)، فالْتَحَفَ بها (٢٢). إلَّا أنَّ التِّرْمِذِىَّ قال: لا يَصِحُّ في هذا البابِ شيءٌ (٢٣). ولا يُكْرَهُ نَفضُ الماء عن بَدَنِه بيَدَيْه؛ لحديثِ مَيْمُونة.

٣٢ - مسألة؛ قال: (وإذَا تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ صَلَّى فَرِيضَةً)

لا أعْلَمُ في هذه المَسْألةِ خِلَافًا؛ وذلك لأنَّ النافِلَةَ تَفْتَقِرُ إلى رَفْعِ الحَدَثِ كالفَرِيضَةِ، وإذا ارْتَفَعَ الحَدَثُ تَحَقَّقَ شَرْطُ الصَّلاةِ وارْتَفَعَ المانِعُ، فأُبِيحَ له الفَرْضُ، وكذلك كُلُّ ما يَفْتَقِرُ إلى الطَّهارةِ، كَمَسِّ المُصْحَفِ والطَّوافِ، إذا تَوَضَّأ له ارْتَفَعَ حَدَثُه، وصَحَّتْ طَهَارَتُه، وأُبِيحَ له سائِرُ ما يَحْتاجُ إلى الطَّهارةِ. وقد ذَكَرْنا ذلك فيما مَضَى.


(١٩) في م: "قالت".
(٢٠) إنما رواه البخاري، في: باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة، من كتاب الغسل. صحيح البخاري ١/ ٧٧. والنسائي، في: باب غسل الرجلين في غير المكان الذي يغتسل فيه، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ١١٣. والدارمى، في: باب في الغسل من الجنابة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٩١.
(٢١) أي مصبوغة بالورس، وهو نبت كالسمسم.
(٢٢) أخرجه ابن ماجه، في: باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل. سنن ابن ماجه ١/ ١٥٨. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٧.
وفيهما: "فاشتمل بها".
(٢٣) نص كلام الترمذي: حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح في هذا الباب شيء. عارضة الأحوذى ١/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>