للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّدْفِ، ولا البُندُقِ، ولا الْعَرَبِيَّة في بلدٍ لا عادةَ لهم بالرَّمى بها. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ، إلَّا أنه لم (١٦) يَذْكُرِ العَرَبِيَّةَ، ويكونُ له واحدٌ ممَّا عدا هذه؛ لأنَّ هذه لا يُطْلَقُ عليها اسمُ القَوْسِ في العادةِ بينَ غيرِ أهلِها حتى يَصِفَها، فيَقولَ: قَوْسُ القُطنِ، أو النَّدْفِ، أو قَوْسُ البُنْدُقِ. وأمَّا العَرَبِيَّةُ فلا يَتعارفُها غيرُ طائفةٍ من العربِ، فلا يَخْطُرُ ببالِ المُوصِى غالبًا. ويُعْطَى القَوْسَ مَعْمُولةً (١٧)؛ لأنَّها لا تُسَمَّى قَوْسًا إلَّا كذلك. ولا يَسْتَحِقُّ وَتَرَها؛ لأنَّ الاسْمَ يَقعُ عليها دُونَه. وفيه وَجْهٌ آخَر، أنَّه يُعْطاها بوَتَرِها؛ لأنَّها لا يُنْتَفعُ بها إلَّا به، فكانَ كجُزْءٍ من أَجْزَائِها.

فصل: وإن وصَّى له بعُودٍ، وله عُودُ لَهْوٍ وغيرِه، لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ؛ لأنَّ إطْلاقَها يَنْصَرِفُ إلى عُودِ اللَّهْوِ، ولا تَصِحُّ (١٨) الوَصِيَّةُ به لعَدَمِ النَّفْعِ المُباحِ فيه. وإن لم يَكنْ له إلَّا عِيدانُ قِسِىٍّ، أو عودٌ يُتبخَّر به، أو غيرُه من العِيدانِ المُباحةِ، صحَّتِ الوَصِيَّةُ، وانْصَرفَتْ إليها؛ لعَدمِ غيرِها، وتعيُّنِها مع إبَاحتِها. وإن وصَّى له بجَرَّةٍ فيها خمرٌ، صَحَّتِ الوَصِيَّةُ بالجَرَّةِ، وبطلَت في الخمرِ؛ لأنَّ في الجَرَّةِ نَفْعًا مُباحًا، والخمرُ لا نَفْعَ فيه مباحٌ، فصحَّتِ الوَصِيَّةُ بما فيه الْمَنفعةُ المُباحةُ، كما لو وصَّى له بخمرٍ وخَلٍّ. وإن وصَّى له بخَمْرٍ في جرَّةٍ، لم تصِحَّ؛ لأنَّ الذي أضافَ الوَصِيَّةَ إليه الخمرُ، ولا تصِحَّ الوَصِيَّةُ به.

٩٩٠ - مسألة؛ قال: (وإِذَا أوْصَى لَهُ بِشَىْءٍ بِعَيْنِهِ، فَتَلِفَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِى، لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ شَىْءٌ. وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ إلَّا المُوصَى بِهِ، فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ)

أجمَع أهلُ العلمِ ممَّن عَلِمْنا قولَه، على أنَّ الموصَى به إذا تلِفَ قبلَ مَوْتِ المُوصِى أو


(١٦) في م: "لا".
(١٧) في م زيادة: "بها".
(١٨) في م: "تصلح".

<<  <  ج: ص:  >  >>