للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّيادَةُ فيها كالضَّمَانِ. ولَنا، أنَّها عَيْنٌ مَرْهُونَةٌ، فلم يَجُزْ رَهْنُها بِدَيْنٍ آخَرَ، كما لو رَهَنَها عند غيرِ المُرْتَهِنِ، فأمَّا الزِّيَادَةُ فى الرَّهْنِ فيجوزُ؛ لأنَّه زِيادَةُ اسْتِيثَاقٍ، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وأمَّا العَبْدُ الجَانِى فيَصِحُّ فِدَاؤُه، ليكُونَ رَهْنًا بالفِدَاءِ والمالِ الأَوَّلِ، لِكَوْنِ الرَّهْنِ لا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الأرْشِ بالجَانِى، لكَوْنِ الجِنَايَةِ أقْوَى، فإنَّ (٤٢) لِوَلِىِّ الجِنَايَةِ المُطَالَبَةَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وإخْرَاجِه من الرَّهْنِ، فصارَ بِمَنْزلَةِ الرَّهْنِ الجائِزِ قبلَ قَبْضِه، ويجوزُ أَن يَزِيدَهُ فى الرَّهْنِ الجائِزِ حَقًّا قبلَ لُزُومِه، فكذلك إذا صارَ جَائِزًا بالجِنَايَةِ، ويُفَارِقُ الرَّهْنُ الضَّمَانَ؛ فإنَّه يجوزُ أن يَضْمَنَ لغيْرِه. إذا ثَبَتَ هذا، فرَهَنَهُ بِحَقٍّ ثانٍ كان رَهْنًا بالأَوَّلِ خَاصَّةً، فإن شَهِدَ بذلك شَاهِدَانِ يَعْتَقِدَانِ فسَادَه، لم يكُنْ لهما أن يَشْهَدَا به، وإن اعْتَقَدا صِحَّتَهُ، لم يكُنْ لهما أن يَشْهَدَا أنَّه رَهَنَهُ بالحَقَّيْنِ مُطْلَقًا، بل يَشْهَدَانِ (٤٣) بِكَيْفِيَّةِ الحالِ، لِيَرَى الحاكِمُ فيه رَأْيَهُ.

فصل: وأمَّا رَهْنُ سَوَادِ العِرَاقِ، والأَرْضِ المَوْقُوفَةِ على المسلمين، فالصَّحِيحُ فى المَذْهَبِ أنَّه لا يجوزُ بَيْعُها، فكذلك رَهْنُها. وهذا مَنْصُوصُ الشَّافِعِىِّ. وما كان فيها مِن بِنَائِها، فحُكْمُه حُكْمُها، وما كان فيها من غيرِ تُرَابِهَا أو مِنَ (٤٤) الشَّجَرِ المُجَدَّدِ فيها، إن أفْرَدَهُ بالبَيْعِ والرَّهْنِ، فهل يَصِحُّ؟ على رِوَايَتَيْنِ، نَصَّ عليهما فى البَيْعِ؛ إحْدَاهُما: يَصِحُّ، لأنَّه طَلْقٌ. والثانية، لا (٤٥) يجوزُ؛ لأنَّه تَابِعٌ لما لا يجوزُ بَيْعُه ولا رَهْنُه، فهو كأساسَاتِ الحِيطَانِ. وإن رَهَنَهُ مع الأَرْضِ، بَطَلَ فى الأَرْضِ. وهل يجوزُ فى الأَشْجَارِ والبِنَاءِ على الرِّوَايَةِ التى يَجُوزُ رَهْنُها مُنْفَرِدَةً؟ يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ فى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ، رَضِىَ اللهُ عنه.

فصل: ولا يَصِحُّ رَهْنُ المَجْهُولِ؛ لأنَّه لا يَصِحُّ بَيْعُه، فلو قال: رَهَنْتُكَ هذا


(٤٢) فى م: "ولأن".
(٤٣) فى الأصل، أ: "يشهدا" على تقدير: "بل لهما أن يشهدا".
(٤٤) سقط من: أ، م.
(٤٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>