للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدَقَةِ" (١٢). وفَارَقَ هذا زَكَاةَ التِّجارَةِ، وزَكَاةَ الفِطْرِ، فإنَّهما يَجْتَمِعَانِ لأنَّهما بِسَبَبَيْنِ، فإنَّ زَكَاةَ الفِطْرِ، تَجِبُ عن بَدَنِ الإِنْسَانِ (١٣) المُسْلِمِ طُهْرَةً له، وزَكَاةَ التِّجارَةِ تَجِبُ عن قِيمَتِه شُكْرًا لِنِعْمَةِ الغنَى ومُوَاساةً لِلفُقَراءِ. فأما إنْ وُجِدَ نِصابُ السَّوْمِ دُونَ نِصابِ التِّجارَةِ، مثل أن يَمْلكَ (١٤) ثلاثِينَ من البَقَرِ، قِيمَتُها مائة وخَمْسُونَ دِرْهَمًا، وحالَ الحَوْلُ عليها كذلك، فإنَّ زَكَاةَ العَيْنِ تَجِبُ بغير خِلَافٍ؛ لأنَّه لم يُوجَدْ لها مُعارِضٌ، فوَجَبَتْ، كما لو لم تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ.

فصل: وإن اشْتَرَى نَخْلًا أو أرْضًا لِلتِّجَارَةِ، فزُرِعَتِ الأَرْضُ وأثْمَرَتِ النَّخْلُ، فَاتَّفَقَ حَوْلاهُما، بأن يكونَ بُدُوُّ الصَّلاحِ فى الثَّمَرَةِ واشْتِدَادُ الحَبِّ عند تَمامِ الحَوْلِ، وكانتْ قِيمَةُ الأرْضِ والنَّخْلِ بِمُفْرَدِها نِصَابًا لِلتِّجارَةِ، فإنَّه يُزَكِّى الثَّمَرةَ والحَبَّ زَكَاةَ العُشْرِ، ويُزَكِّى الأصْلَ زَكَاةَ القِيمَةِ. وهذا قولُ أبى حَنيفَةَ، وأبى ثَوْرٍ. وقال القاضى وأصْحَابُه: يُزَكِّى الجميعَ زَكَاةَ القِيمَةِ. وذَكَرَ أنَّ أحمدَ أوْمَأَ إليه؛ لأنَّه مَالُ تِجارَةٍ، فتَجِبُ فيه زَكاةُ التِّجارَةِ، كالسَّائِمَةِ. ولَنا، أنَّ زَكَاةَ العُشْرِ أَحَظُّ لِلْفُقَراءِ، فإنَّ العُشْرَ أحَظُّ من رُبْعِ العُشْرِ، فيَجِبُ تَقْدِيمُ ما فيه الحَظُّ، ولأنَّ الزِّيادَةَ على رُبْعِ العُشْرِ قد وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِها فتَجِبُ، وفارَقَ السَّائِمَةَ المُعَدَّةَ لِلتِّجارَةِ، فإنَّ زَكاةَ السَّوْمِ أقَلُّ من زَكاةِ التِّجارَةِ.

٤٥٨ - مسألة؛ قال: (وإذا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ، ثم نَوَاها لِلاقْتِنَاءِ، ثم نَوَاهَا لِلتِّجَارَةِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَبِيعَها، ويَسْتَقْبِلَ بِثَمَنِها حَوْلًا)

لا يَخْتَلِفُ المذهبُ فى أنَّه إذا نَوَى بِعَرْضِ التِّجَارَةِ القُنْيَةَ، أنَّه يَصِيرُ لِلْقُنْيَةِ،


(١٢) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب من قال لا تؤخذ الصدقة فى السنة إلا مرة واحدة، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ٢١٨.
(١٣) سقط من: الأصل، ب.
(١٤) فى الأصل: "ملك".

<<  <  ج: ص:  >  >>