للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَحْلُوفَ عليه خروجٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةٍ، فلا تَنْحَلُّ يَمِينُه (٣) بوجُودِ ما لم تُوجَدْ فيه الصِّفَةُ، ولا يَحْنَثُ به، ولا يَتَعَلَّقُ بما عَداهُ بِرٌّ ولا حِنْثٌ، كما لو قال: إِنْ خَرَجْتِ عُرْيانَةً، فأنتِ طالِقٌ، أو إنْ خَرَجْتِ راكِبَةً، فأنتِ طالِقٌ. فخَرَجَت مُسْتَتِرَةً ماشِيَةً، لم يَتَعَلَّق به بِرٌّ ولا حِنْثٌ، ولأنَّه لو قال لها: إِنْ كَلَّمْتِ رَجُلًا فاسِقًا، أو من غيرِ مَحارِمِكِ، فأنتِ طالِقٌ. لم يَتَعَلَّقْ بتَكْليمِها لغَيْرِ مَنْ هو مَوْصُوفٌ بتِلْكَ الصِّفَةِ بِرٌّ ولا حِنْثٌ، فكذلك فى الأفْعالِ. وقَوْلُهم: تَعَلَّقَتِ اليَمِينُ بخروجٍ واحِدٍ. قُلْنا: إِلَّا أنَّه خُروجٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةٍ، فلا تَنْحَلُّ اليَمِينُ بوُجودِ غيرِه، ولا يَحْنَثُ به. وأما قولُ أصْحابِ أبى حنيفةَ: إِنَّ الأَلْفاظَ الثلاثةَ ليستْ من ألْفاظِ الاسْتِثْناء. قُلْنا: قولُه: إِلَّا أَنْ آذَن لك. من أَلْفاظِ الاسْتِثْناءِ، واللَّفْظَتان الأُخْرَيانِ فى معناه، فى إِخْراجِ المَأْذُونِ من يَمِينِه، فكان حُكْمُهما كَحُكْمِه. هذا الكلامُ فيما إذا أطْلَقَ، فإنْ نَوَى تَعْليقَ الطَّلاقِ على خُروجٍ واحِدٍ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُه به، وقُبلَ قولُه فى الحُكْمِ؛ لأَنَّه فَسَّرَ لَفْظَه بما يَحْتَمِلُه احْتِمالًا غيرَ بعيدٍ. وإِنْ أذِنَ لها مَرَّةً واحِدَةً، ونَوَى الإِذْنَ فى كُلِّ مَرَّةٍ، فهو على ما نَوَى. وقد نقلَ عبدُ اللَّه بن أحمد، عن أبِيه، إذا حَلَفَ أَنْ لا تَخْرُجَ امْرأَتُه إِلَّا بإذْنِه: إذا أَذِنَ لها مَرَّةً، فهو إذْنٌ لكُلِّ مَرَّةٍ، وتكونُ يَمِينُه على ما نَوَى. وإِنْ قال: كُلَّما خَرَجْتِ، فهو بإذْنِى. أَجْزَأَه مَرَّةً واحِدَةً. وإِنْ نَوَى بقولِه: إلى أَنْ آذَنَ لكِ، أو حتى آذَنَ لكِ، [أو إِلَّا أن آذَنَ لَكِ] (٤). الغايَةَ، وأنَّ الخروجَ المَحْلوفَ عليه ما قبلَ الغايَة، دونَ ما بَعْدَها، قُبِلَ قَوْلُه، وانْحَلَّتْ يَمِينُه بالإِذْنِ؛ لِنِيَّتِه، فإِنَّ مَبْنَى الأَيْمانِ على النِّيَّةِ.

فصل: وإِنْ قال: إِنْ خَرَجْتِ بغيرِ إذْنِى، فأنْتِ طالِقٌ. فأَذِنَ لها، ثم نَهاها، فخَرَجَت طَلُقَتْ؛ لأنَّها خَرَجَتْ بغيرِ إذْنِه. وكذلك إِنْ قال: إِلَّا بإذْنِى. وقال بعضُ أصحابِ الشافِعِىِّ: لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّه قد أذِنَ. ولا يصِحُّ؛ لأَنَّ نَهْيَه (٥) أبْطَلَ إذْنَه، فصارَتْ خارِجَةً بغيرِ إذْنِه. وكذلك لو أَذِن لوكيلِه فى بَيْعٍ، ثم نَهاهُ عنه، فباعَه، كان باطِلًا. وإِنْ قال: إِنْ خَرَجْتِ بغيرِ إذْنِى، لغيرِ عيادَةِ مَرِيضٍ (٦)، فأَنْتِ طالِقٌ.


(٣) فى أ، ب، م: "اليمين".
(٤) سقط من: م.
(٥) فى م زيادة: "قد".
(٦) فى م: "المريض".

<<  <  ج: ص:  >  >>