للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَائِكُمْ} (٣). والمعْطُوفُ يُغايرُ المَعْطوفَ عليه ظاهرًا. ولأنَّه في العُرْفِ كذلك، فإنَّه لا يُفْهَمُ من إطْلاقِ اسمِ العَبدِ إلَّا الذَّكرُ. ولو وَكَّلَه في شِراءِ عَبدٍ، لم يكُنْ له شِراءُ أَمةٍ، فلا تَنْصَرِفُ وَصِيَّتُه إلَّا إلى الذَّكرِ. وإن وَصَّى له بأَمةٍ أو جارِيةٍ، لم يكُنْ له إلَّا أُنْثَى، وليس له أن يُعْطِيَه خُنْثَى مُشكِلًا؛ لأنَّه لا يُعلَمُ كونُه ذَكرًا أو أُنثى (٤). وإن وَصَّى له بواحدٍ من رَقِيقِه، أو برأْسٍ ممَّا مَلَكَتْ يَمِينُه، دخلَ في وَصِيَّتِه الذكرُ والأُنْثَى والخُنْثَى.

فصل: وإن وصَّى له بشاةٍ من غَنمِه، فالحُكمُ فيها كالحُكمِ في الوَصِيَّةِ بعَبدٍ مِن عَبيدِه، ويَقعُ هذا الاسمُ على الضَّأْنِ والمَعْزِ. قالَ أصحابُنا: ويَتناوَلُ الصَّغيرَةَ والكَبيرَةَ، والذَّكرَ والأُنثَى؛ لأنَّ الشَّاةَ اسمٌ يَتناولُ جَميعَ ذلك؛ بدليلِ قولِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في أرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" (٥). يُريدُ الذُّكورَ والإِناثَ، والصِّغارَ والكِبارَ. وعندى أنَّه لا يَتناوَلُ إلَّا أُنْثَى كبيرةً، إلا أن يَكُونَ في بلدٍ عُرْفُهم يَتَناولُ ذلك، فأمَّا مَن لا يَتناولُ عُرْفُهم إلَّا الإِناثَ، فإنَّ وَصِيَّتَه لا تَتناولُ إلَّا ما يُسمَّى في عُرفِهم؛ لأنَّ ظاهرَ حالِه إرادةُ ما يَتعارَفونَه. وإن وصَّى بكَبْشٍ، لم يَتناولْ إلَّا الذَّكرَ الكَبيرَ مِن الضَّأْنِ. والتَّيسُ لا يَقعُ إلَّا على الذَّكرِ الكَبيرِ من الْمَعْزِ. وإن وصَّى بعَشرَةٍ من الغَنمِ، يتَناولُ عشرةً من الذُّكورِ والإِناثِ، والصِّغارِ والكِبارِ.

فصل: وإن وصَّى بجَمَلٍ، لم يَكُنْ إلَّا ذكًرا. وإن وصَّى بناقةٍ، لم تَكُنْ إلّا أُنْثَى. وإن قالَ: عَشرةً من إبِلٍ، وَقَعَ على الذَّكرِ والأُنْثَى جميعًا. ويَحْتَمِلُ أنَّه إن قالَ: عشرةً بالهاءِ، فهو للذُّكورِ، وإن قالَ عشر، فهو للإِناثِ، وكذلك في الغَنمِ؛ لأنَّ العددَ في العشرةِ إلى الثَّلاثةِ للمذَكَّرِ بالهاء، وللمؤَنَثِ بغَيرِها، قال اللهُ تعالى: {سَخَّرَهَا


(٣) سورة النور ٣١.
(٤) في الأصل، أ: "ولا أنثى".
(٥) تقدم تخريجه في: ٤/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>