للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (٣)، وقولُ صَفْوانَ بنِ عَسَّالٍ: أمَرَنا رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا كُنَّا مُسَافِرِين، أو سَفْرًا، أن لا نَنْزِعَ خِفَافَنا ثَلاثةَ أيامٍ ولَيالِيهِنَّ، إلَّا مِنْ جَنابةٍ، لكنْ من غائطٍ وبَوْلٍ ونَوْمٍ. (٤) قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وحَقِيقةُ الغائِطِ: المكانُ المُطْمَئِنُّ، سُمِّىَ الخارجُ به لمُجاوَرَتهِ إيَّاه، فإنَّ المُتَبَرِّزَ يتَحَرَّاه لحاجَتِه، كما سُمِّى عَذِرَة، وهى في الحقيقة فنِاءُ الدارِ؛ لأنَّه كان يُطْرحُ بالأَفْنِيَةِ، فسُمِّى بها للمُجَاوَرَةِ. وهذا من الأسْماءِ العُرْفِيَّةِ التي صار المَجَازُ فيها أشْهَرَ من الحقيقةِ، وعندَ الإِطْلَاقِ يُفْهَمُ منه المَجازُ، ويُحْمَلُ عليه الكَلامُ لشُهْرَتِه، ولأنَّ الخارجَ غائِطٌ وبَوْلٌ، فنَقَضَ، كما لو خَرَجَ من السَّبِيلِ.

٤٤ - مسألة؛ قال: (وزَوَالُ الْعَقْلِ. إلَّا أنْ يَكُونَ [بِنَوْمٍ يَسِيرٍ] (١) جالِسًا أو قائِمًا)

زَوَالُ العَقْلِ علَى ضَرْبَيْن: نَوْمٍ، وغيرِه؛ فأمَّا غيرُ النَّوْمِ، وهو الجُنُونُ والإِغْماءُ والسُّكْرُ وما أشَبَهه من الأدْوِيةِ المُزِيلةِ للعَقْلِ، فيَنْقُضُ الوُضُوءَ يَسِيرُه وكَثِيرهُ إجماعًا، قال ابنُ المُنْذِر: أجمعَ العُلماءُ علَى وُجُوبِ الوُضُوءِ علَى المُغْمَى عليه؛ ولأنَّ هؤلاء حِسُّهُم أبْعَدُ مِن حِسِّ النَّائمِ، بدَلِيلِ أنهم لا يَنْتَبِهُون بالانتِباهِ، ففى إيجابِ الوُضُوءِ علَى النَّائمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِه بما هو آكَدُ منه. الضَّرْبُ الثاني النومُ، وهو ناقِضٌ للوُضُوءِ في الجُمْلةِ، في قولِ عَامَّة أهلِ العِلْمِ، إلَّا ما حُكِىَ عن أبِي مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، وأبى مِجْلَزٍ (٢) وحُمَيْدٍ الأعْرَجِ (٣)، أنه لا يَنْقُضُ. وعن سَعِيد بن


(٣) سورة المائدة ٦.
(٤) أخرجه الترمذي، في: باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٤٢. والنسائي، في: باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٧١. وابن ماجه، في: باب الوضوء من النوم، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٦١. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٣٩، ٢٤٠.
(١) في الأصل: "النوم اليسير".
(٢) في م: "وأبى مجاز" تحريف. وتقدم قريبا.
(٣) أبو صفوان حميد بن قيس الأعرج المكي القارئ، ثقة صدوق، توفى سنة ثلاثين ومائة. تهذيب التهذيب ٣/ ٤٦، ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>