للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَخِ، فيكونُ أوْلَى؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، [وما أبْقَتِ الفُرُوضُ] (٤) فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (٥). وفى لفظ: "فَلِأَوْلَى عَصَبةٍ ذَكَرٍ". ولأنَّ الجَدَّ أبٌ، فيُقَدَّمُ على ابنِ الأَخِ، كالأبِ الحَقِيقِىِّ، ولأنَّه يُقَدَّمُ فى مِيراثِ المالِ، فقُدِّم فى المِيراثِ بالوَلاءِ كسائرِ العَصَباتِ.

فصل: فإن اجتمع إخْوَةٌ وجَدٌّ، فمِيراثُ المَوْلَى بينهم، كمالِ سَيِّدِه. وإن اجْتَمع إخوةً من أبَوَيْنِ وإخوةً من أبٍ، عادَّ الإِخْوةُ من الأبَوَيْنِ الجَدَّ بالإِخْوةِ من الأبِ، ثم ما حَصَلَ لهم أخَذَه ولدُ الأبَوَيْنِ. وقال ابن سُرَيْجٍ: يَحْتَمِلُ أنَّه بينهم على عَدَدِهم، ولا يُعادُّ ولدُ الأبَوَيْنِ الجَدَّ بولدِ الأبِ. ولَنا، أنَّه مِيراثٌ بين (٦) الْجَدِّ والإِخوةِ، فأشْبَه المِيراثَ بالنَّسَبِ، فإن كان مع الإِخْوةِ أخَواتٌ، لم يُعْتَدَّ بهِنَّ؛ لأنَّهُنَّ لا يَرِثْنَ مُنْفَرِدات، فلا يُعْتَدُّ بهنَّ، كالإِخْوةِ من الأُمِّ، وإن انفردَ الإِخوةُ من الأبِ مع الْجَد، فحُكْمُهم حُكْمُ الإِخوةِ من الأبَوَيْنِ.

فصل: وإن تَرَكَ جَدَّ مَوْلاه وعمَّ مَوْلاه، فهو للجَدِّ. وكذلك إن ترَك جَدَّ أبى مَوْلاه [وعَمَّ مَوْلاه، أو جَدَّ جَدِّ مَوْلاهُ وعَمَّ مَوْلاهُ، فهو لِلْجَدِّ] (٧). وبه يقولُ الثَّوْرِىُّ، والأوْزاعىُّ، وأهلُ العراقِ. وقال الشَّافعىُّ: هو للعَمِّ وبَنِيه وإن سَفلُوا، دون جَدِّ الأبِ. وهو قياسُ قولَ مالكٍ. قال الشَّافعىُّ: ومَنْ جَعَلَ الجدَّ والأخَ سَواءً، فجَدُّ الأبِ والعَمِّ سَواءٌ، وهو أَوْلَى من ابنِ العَمِّ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَرِثُه أَوْلَى النَّاسِ بالمُعْتِقِ". والْجَدُّ أوْلَى بالمُعْتِقِ، بدليلِ أنَّه أوْلَى النَّاسِ بمالِه ووِلايتِه، ويُقَدَّمُ فى تَزْويجِه والصلاةِ عليه وغيرِ ذلك. والعَجبُ أَنَّ الشَّافعىَّ رحمةُ اللَّه عليه، نَزَّلَ الجدَّ أبًا فى وِلايةِ المالِ ووِلايةِ الإِجْبارِ على


(٤) فى أ: "فما أبقت الفرائض".
(٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٠.
(٦) فى م: "من".
(٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>