للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَلِّىَ التَرَاوِيحَ في جماعةٍ أُخْرَى. فعن أحمدَ: أنَّه لا بَأْسَ به؛ لأنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ قال: ما يَرْجِعُونَ إلَّا لِخَيْرٍ يَرْجُونَه، أو لِشَرٍّ يَحْذَرُونَهُ. وكان لا يَرَى به بَأْسًا. ونَقَلَ محمدُ بنُ الحَكَمِ عنه الكَرَاهَةَ، إلَّا أنَّه قَولٌ قَدِيمٌ، والعَمَلُ على ما رَوَاهُ الجَمَاعَةُ. وقال أبو بكرٍ: [إنْ أخَّرَ] (٢٧) الصَّلَاةَ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ، أو إلى آخِرِه، لم تُكْرَهْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وإنَّما الخِلَافُ فيما إذا رَجَعُوا قبلَ النَّوْمِ، والصَّحِيحُ أنَّه لا يُكْرَهُ؛ لأنَّه خَيْرٌ وطَاعَةٌ، فلم يُكْرَهُ، كما لو أَخَّرَهُ إلى آخِرِ اللَّيْلِ.

فصل: في خَتْمِ القُرْآنِ: قال الفَضْلُ بن زَيَادٍ: سَألْتُ أبا عبدِ اللهِ، فقلتُ: أخْتِمُ القُرْآنَ، أجْعَلُه في الوِتْرِ أو في التَّرَاوِيحِ؟ قال: اجْعَلْهُ في التَّرَاوِيحِ، حتى يكونَ لنا دُعَاءً بين اثْنَيْنِ. قلتُ: كيف أصْنَعُ؟ قال: إذا فَرَغْتَ من آخِرِ القُرْآنِ فارْفَعْ يَدَيْكَ قبل أن تَرْكَعَ، وادْعُ بنا ونَحْنُ في الصَّلَاةِ، وأطِل القِيَامَ. قلتُ: بِمَ أدْعُو؟ قال: بما شِئْتَ. قال: ففَعَلْتُ كما (٢٨) أمَرَنى، وهو خَلْفِى يَدْعُو قَائِمًا، [ورَفَع يَدَيْه، وقال] (٢٩) حَنْبَلٌ: سمعتُ أحمدَ يقولُ في خَتْمِ القُرْآنِ: إذا فَرَغْتَ من قِرَاءَةِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فارْفَعْ يَدَيْكَ في الدُّعَاءِ قبلَ الرُّكُوعِ. قلتُ: إلى أىِّ شَىْءٍ تَذْهَبُ في هذا؟ قال: رأيْتُ أهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَه، وكان سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ يَفْعَلُه معهم بِمكَّةَ. قال العَبَّاسُ بنُ عبدِ العَظِيمِ (٣٠): وكذلك أدْرَكْتُ (٣١) النَّاسَ بِالبَصْرَةِ وبِمكَّةَ. ويَرْوِى أهْلُ المَدِينَةِ في هذا شَيْئًا، وذُكِرَ عن عثمانَ بن عَفَّانَ.

فصل: واخْتَلَفَ أصْحَابُنَا في قِيَامِ لَيْلَةِ الشَّكِّ؛ فَحُكِىَ عن القاضي أنَّه قال:


(٢٧) سقط من: ا، م.
(٢٨) في م: "بما".
(٢٩) في م: "ويرفع يديه قال".
(٣٠) أبو الفضل العباس بن عبد العظيم العنبرى البصري الحافظ، أحد علماء السنة، توفى سنة ست وأربعين ومائتين. العبر ١/ ٤٤٦.
(٣١) في م: "أدركنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>