للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والسَّعْىُ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ، لا يَصِحُّ إلَّا أن يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ، فإن سَعَى قَبْلَهُ، لم يَصِحَّ. وبذلك قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال عَطَاءٌ: يُجْزِئُه. وعن أحمدَ: يُجْزِئُه إن كان نَاسِيًا، [وإن كان عَمْدًا] (١٠) لم يُجْزِئْهُ سَعْيُه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لمَّا سُئِلَ عن التَّقْدِيمِ والتَّأخِيرِ فى حَالِ الجَهْلِ والنِّسْيَانِ، قال: "لَا حَرَجَ" (١١). وَوَجْهُ الأوَّلِ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنَّما سَعَى بعدَ طَوَافِه، وقد قال: "لِتَأْخُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" (١٢). فعلى هذا إنْ سَعَى بعد طَوَافِه، [ثم عَلِمَ أنَّه] (١٣) طَافَ بغيرِ طَهَارَةٍ لم يُعْتَدَّ بِسَعْيِه ذلك. ومتى سَعَى المُفْرِدُ والقَارِنُ بعدَ طَوَافِ القُدُومِ، لم يَلْزَمْهُما بعد ذلك سَعْىٌ، وإن لم يَسْعَيَا معه، سَعَيَا مع طَوَافِ الزِّيَارَةِ. ولا تَجِبُ المُوَالَاةُ بين الطَّوَافِ والسَّعْىِ. قال أحمدُ: لا بَأْسَ أن يُؤَخِّرَ السَّعْىَ حتى يَسْتَرِيحَ أو إلى العَشِىِّ. [وكان عَطاءٌ، والحسنُ لا يَرَيَانِ بَأْسًا لمَن طَافَ بِالبَيْتِ أوَّلَ النَّهَارِ، أن يُؤَخِّرَ الصَّفَا والمَرْوَةَ إلى العَشِىِّ] (١٤). وفَعَلَهُ القاسمُ، وسَعِيدُ بن جُبْيَرٍ؛ لأنَّ المُوَالَاةَ إذا لم تَجِبْ فى نَفْسِ السَّعْىِ، ففيما بينه وبين الطَّوافِ أوْلى.

٦٢٤ - مسألة؛ قال: (فَإذَا فَرَغَ مِنَ السَّعْىِ، فَإنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا قَصَّرَ مِنْ شَعْرِهِ، ثُمَّ قَدْ حَلَّ)

المُتَمَتِّعُ الذى أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ (١) من المِيقَاتِ، فإذا فَرَغَ من أفْعَالِها، وهى


(١٠) فى أ، ب، م: "عمد".
(١١) أخرجه البخارى، فى: باب إذا رمى بعدما أمسى. . .، وباب الفتيا على الدابة. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢١٤، ٢١٥. ومسلم، فى: باب من حلق قبل النحر. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٥٠. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٥٨، ٢٦٩، ٢٩١، ٣٠٠.
(١٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٣٠.
(١٣) سقط من: ب، م.
(١٤) سقط من: أ. نقلة نظر.
(١) فى الأصل: "بعمرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>