للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن جَعَلَ وَسَطَ دارِه مَسْجِدًا، ولم يَذْكُر الاسْتِطْرَاقَ، صَحَّ، وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ حتى يَذْكُرَ الاسْتِطْرَاقَ. ولَنا، أنّه عَقْدٌ يُبِيحُ الانْتِفاعَ، من ضَرُورَتِه الاسْتِطْرَاقُ، فصَحَّ، وإن لم يَذْكُر الاسْتِطْراقَ، كما لو أجَرَ بَيْتًا من دَارِه.

فصل: إذا وَقَفَ على نَفْسِه، ثم على المَسَاكِينِ، أو على وَلَدِه، ففيه رِوَايَتانِ؛ إحْداهما، لا يَصِحُّ؛ فإنَّه قال، في رِوَايةِ أبى طَالِبٍ، وقد سُئِلَ عن هذا، فقال: لا أعْرِفُ الوَقْف إلَّا ما أخْرَجَهُ لِلهِ، [وفى سَبِيلِ اللَّه] (٨)، فإذا وَقَفَهُ عليه حتى يَمُوتَ، فلا أعْرِفُه. فعلى هذه الرِّوَايةِ يكونُ الوَقْفُ عليه باطِلًا. وهل يَبْطُلُ الوَقْفُ على مَنْ بَعدَه؟ على وَجْهَيْنِ، بنَاءً على الوَقْفِ المُنْقَطِعِ الابْتِداءِ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّ الوَقْفَ تَمْلِيكٌ لِلرَّقَبةِ والمَنْفَعةِ (٩)، ولا يجوزُ أن يُمَلِّكَ الإِنْسانُ نَفْسَهُ من نَفْسِه، كما لا يجوزُ أن يَبِيعَ نَفْسَهَ مالَ نَفْسِه، ولأنَّ الوَقْفَ على نَفْسِه إنَّما حاصِلُه مَنْعُ نَفْسِه التَّصَرُّفَ في رَقَبةِ المِلْكِ، فلم يَصِحَّ ذلك، كما لو أفْرَدَه بأن يقولَ: لا أبِيعُ هذا ولا أهَبُه ولا أُوَرِّثُه. ونَقَلَ جَمَاعةٌ أنَّ الوَقْفَ صَحِيحٌ، اخْتَارَه ابنُ أبي موسى. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهى أصَحُّ. وهو قولُ ابنِ أبي لَيْلَى، وابن شُبْرُمَةَ، وأبى يوسفَ، وابنِ سُرَيْجٍ؛ لما ذَكَرْنا فيما إذا اشْتَرَطَ أن يَرْجِعَ إليه شيءٌ من مَنَافِعِه، ولأنَّه يَصِحُّ أن يَقِفَ وَقْفًا عامًّا فيَنْتَفِعَ به، كذلك إذا خَصَّ نَفْسَه بِانْتِفَاعِه، والأَوَّلُ أقْيَسُ.

٩٢١ - مسألة؛ قال: (والْبَاقِى عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ وأوْلَادِهِ الذُّكُورِ والإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنِينَ بَيْنَهُمْ بالسَّوِيَّةِ، إلَّا أنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ)

في هذه المسألة فصولٌ أرْبَعةٌ:


(٨) في الأصل: "أو سبله".
(٩) في الأصل: "أو للمنفعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>