أنَّه رَهْنٌ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ، فكان فَاسِدًا، كما لو شَرَطَ تَوْفِيَتَه، وليس فى الخَبَرِ أنَّه شَرَطَ ذلك فى ابْتِدَاءِ العَقْدِ، فلا يكونُ فيه حُجَّةٌ.
فصل: ولو قال الغَرِيمُ: رَهَنْتُكَ عَبْدِى هذا، على أن تَزِيدَنِى فى الأَجَلِ. كان بَاطِلًا؛ لأنَّ الأجَلَ لا يَثْبتُ فى الدَّيْنِ، إلَّا أن يكونَ مَشْرُوطًا فى عَقْدٍ وَجَبَ به، فإذا لم يَثْبُتِ الأَجَلُ، لم يَصِحَّ الرَّهْنُ، لأنَّه جَعَلَهُ فى مُقَابَلَتِه، ولأنَّ ذلك يُضَاهِى رِبَا الجَاهِلِيَّةِ، كانوا يَزِيدُونَ فى الدَّيْنِ لِيَزْدَادُوا فى الأَجَلِ.
فصل: إذا كان له على رَجُلٍ أَلْفٌ، فقال: أقْرِضْنِى ألْفًا، بشَرْطِ أن أَرْهَنَكَ عَبْدِى هذا بالأَلْفَيْنِ. فنَقَلَ حَنْبَلٌ، عن أحمدَ، أنَّ القَرْضَ باطِلٌ. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه قَرْضٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً، وهو الاسْتِيثَاقُ بالأَلْفِ الأوَّلِ. وإذا بَطَلَ القَرْضُ بَطَلَ الرَّهْنُ. فإنْ (٢٣) قيل: أليس لو شَرَطَ أنَّه يُعْطِيَه رَهْنًا بما يَقْتَرِضُه جازَ؟ قُلْنا: ليس هذا قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لأنَّ غَايَةَ ما حَصَلَ له تَأْكِيدُ الاسْتِيفَاءِ لِبَدَلِ ما أقْرَضَهُ، وهو مِثْلُه، والقَرْضُ يَقْتَضِى وُجُوبَ الوَفَاءِ، وفى مَسْأَلَتِنَا شَرَطَ فى هذا القَرْضِ الاسْتِيثَاقَ لِدَيْنِه الأوَّل، فقد شَرَطَ اسْتِيثَاقًا لغيرِ مُوجِبِ القَرْضِ. ونَقَلَ مُهَنَّا أنَّ القَرْضَ صَحِيحٌ. ولعلَّ أحمدَ حَكَمَ بِصِحَّةِ القَرْضِ مع فَسَادِ الشَّرْطِ، كيلا يُفْضِى إلى جَرِّ المَنْفَعَةِ بالقَرْضِ، أو حَكَمَ بِفَسَادِ الرَّهْنِ فى الأَلْفِ الأَوَّلِ وَحْدَه، وصَحَّحَهُ فيما عَداهُ. ولو كان مكان القَرْضِ بَيْعٌ، فقال: بِعْنِى عَبْدَكَ هذا بأَلْفٍ، على أن أرْهَنَكَ عَبْدِى به وبالأَلْفِ الآخَرِ الذى عَلَيَّ. فالبَيْعُ بَاطِلٌ، رِوَايَةً واحِدَةً؛ لأنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ، فإنَّه جَعَلَ الثَّمنَ أَلْفًا ومَنْفَعَةً هى وَثِيقَةٌ بالأَلْفِ الأَوَّلِ، وتلك المَنْفَعَةُ مَجْهُولَةٌ، ولأنَّه شَرَطَ عَقْدَ الرَّهْنِ بالأَلْفِ الأوَّلِ، فلم يَصِحَّ، كما لو أفْرَدَهُ، أو كما لو بَاعَهُ دَارَه بِشَرْطِ أن يَبِيعَه الآخَرُ دَارَهُ.