للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله عليه السلام: "الوَلَاءُ لمن أعْتَقَ" (١٣). وإن أعْتَقها المَوْلَى فأتَتْ بوَلدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فقد مَسَّه الرِّقُّ وعَتَقَ بالمُباشَرَةِ، فلا يَنْجَرُّ وَلاؤُه، وإن أتَتْ به لأكثرَ من سِتَّةِ أشْهُرٍ معَ بَقاءِ الزَّوْجِيَّةِ، لم يُحْكَمْ بمَسِّ الرِّقِّ له، وانْجَرَّ وَلاؤُه؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ حادثًا بعدَ العِتْقِ، فلم يَمَسَّه الرِّقِّ، ولم يُحْكَمْ برِقِّه بالشَّكِّ. وإن كانت المرأةُ بائِنًا، وأتَتْ بولدٍ لأرْبعِ سِنِينَ من حينِ الفُرْقةِ، لم يَلْحَقْ بالأبِ، وكان وَلاؤُه لمَوْلى أُمِّه، وإن أتَتْ به لأقَلَّ من ذلك، لَحِقَه الولدُ، وانْجَرَّ ولاؤُه، ووَلَدُ الأمةِ مملوكٌ، سواءٌ كان من نِكاحٍ أو من سِفَاحٍ، عَرَبِيًّا كان الزَّوْجُ أو أعْجَمِيًّا. وهذا قولُ عامَّةِ الفُقَهاءِ. وعن عمرَ: إن كان (١٤) زَوْجُها عَرَبيًّا فولَدُه (١٥) حُرٌّ، وعليه قِيمَتُه، ولا وَلاءَ عليه. وعن أحمدَ مِثْلُه. وبه قال ابنُ المُسَيَّبِ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقالَه (١٦) الشافعىُّ فى القَدِيمِ، ثم رَجَعَ عنه. والأولُ أوْلى؛ لأنَّ أُمَّهُم أمَةٌ، فكانوا عَبِيدًا، كما لو كان أبُوهم أعْجمِيًّا. الثالث، أن يَعْتِقَ العبدَ سَيِّدُه، فإن مات على الرِّقِّ لم يَنْجَرَّ الوَلاءُ بحالٍ، وهذا لا خِلافَ فيه. فإن اخْتَلَفَ سَيِّدُ العبدِ ومَوْلَى الأُمِّ فى الأبِ بعدَ مَوْتِه، فقال سَيِّدُه: مات حُرًّا بعدَ جَرِّ الوَلاءِ. وأنكر ذلك مَوْلَى الأُمِّ، فالقولُ قولُ مَوْلَى الأُمِّ. ذكره أبو بكرٍ؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الرِّقِّ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ.

فصل: فإن لم يَعْتِق الأبُ، ولكن عَتَقَ الجَدُّ، فقال أحمدُ: الجَدُّ (١٤) لا يَجُرُّ الوَلاءَ، ليس هو كالأبِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ وصاحِبَاه. وعن أحمدَ، أنَّه يَجُرُّه. وبه قال شُرَيْحٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِى، وأهلُ المدينةِ، وابنُ أبى لَيْلَى، والحسنُ بن صالحٍ، وابنُ المباركِ، وأبو ثَوْرٍ، وضِرَارُ بن صُرَد، والشَّافعىُّ فى أحدِ قَوْلَيْه. فإن أُعْتِقَ الأبُ بعد ذلك، جَرَّه عن مَوالِى الْجَدِّ إليه؛ لأنَّ الجَدَّ يقومُ مقامَ الأبِ فى التَّعْصيبِ وأحْكامِ


(١٣) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(١٤) سقط من: م.
(١٥) فى أ: "فولدها".
(١٦) فى م: "وبه قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>