للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابةُ عن إنْكارِه عليه، سِيَّما وابنُه هو راوِى الخبرِ، فكيف يَخْفَى ذلك عليه! ويَحْتَمِلُ أنَّه فضَّلَ العِرَابَ أيضًا، فلم يذْكُرْه الرَّاوِى، لغَلَبَةِ العِرَابِ، وقِلَّةِ الْبَراذِين، ويدُلُّ على صِحَّةِ هذا التَّأْويل، خبَرُ مَكْحولٍ الذى رَويناه، وقياسُها على الآدَمِىِّ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ العَرَبِىَّ منهم لا أثَرَ له فى الحَرْبِ زيادَةً على غيرِه، بخلافِ العَرَبِىِّ من الخيلِ على غيرِه. واللهُ أعلمُ.

١٦٤٦ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُسْهَمُ لِأكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ)

يعنِى إذا كان مع الرَّجُلِ خيلٌ، أُسْهِمَ لفِرَسَيْن أربعةُ أَسْهُمٍ، ولصاحِبهما سَهْمٌ، ولم يُزدْ على ذلك، وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافِعِىُّ: لا يُسْهمُ لأكْثَرَ من فرسٍ واحدٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أنْ يُقاتِلَ على أكثرَ منها، فلمْ يُسْهَمْ لما زادَ عليها، كالزائِدِ عن الفَرَسَيْن. ولَنا، ما رَوَى الأوْزاعِىُّ، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ يُسْهِمُ للخيلِ، وكان لا يُسْهِمُ للرجُلِ فوقَ فرَسَيْن، وإنْ كان معه عشرةُ أفْراسٍ. وعن أزْهَر بن عبد اللَّه، أنَّ عمرَ بن الخطَّابِ كتَبَ إلى أبى عُبَيْدَةَ بن الجَرّاحِ، أنْ يُسْهِمَ للفرَسِ سَهْمَيْن، وللفرَسَيْن أربعةَ أسْهُمٍ، ولصاحِبِها سَهْمٌ، فذلك خمسةُ أسْهُمٍ، وما كانَ فوقَ الفرسَيْن فهى جنائِبُ. روَاهما سعيد، فى "سُنَنِه" (١). ولأنَّ به إلى الثانى حاجَةً، فإنَّ إدامةَ رُكوبِ واحدٍ تُضْعِفُه، وتَمْنَعُ القتالَ عليه، فيُسْهَمُ له كالأوَّلِ، بخلافِ الثالث، فإنَّه مُسْتَغْنًى عنه.

١٦٤٧ - مسألة؛ قال: (ومَنْ غَزَا عَلَى بَعِيرٍ، وَهُوَ لا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ، قُسِمَ لَهُ وَلِبعِيرِهِ سَهْمَانِ)

نَصَّ أحمدُ على هذا، وظاهرُه أنَّه لا يُسْهَمُ للبعيرِ مع إمْكانِ الغَزْوِ على فرسٍ. وعن أحمدَ، أنَّه يُسْهَمُ للبعيرِ سَهْمٌ، ولم يشْترطْ عجزَ صاحِبِه عن غيرِه. وحُكِىَ نحوُ هذا عن الحَسَنِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} (١). ولأنَّه حيوانٌ تجوزُ المسابَقَةُ عليه بِعِوَضٍ، فيُسْهَمُ له، كالفرَسِ. يحقِّقُه أنّ تجْوِيزَ المسابَقَةِ


(١) فى: باب من قال: لا سهم لأكثر من فرسين، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٨١.
(١) سورة الحشر ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>