للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَصْحابِ الرَّأْىِ. قال بَعْضُهم: ويُشْهِدُ. وقال مالِكٌ، وإِسْحاقُ: تكونُ رَجْعَةً إذا أرادَ به الرَّجْعَةَ؛ لأنَّ هذه مُدَّةٌ تُفْضِى إلى بَيْنُونَةٍ، فَتَرْتَفِعُ بِالوَطْءِ، كمُدَّةِ الإِيلاءِ، ولأنَّ (٨) الطَّلاقَ سَبَبٌ لِزَوالِ المِلْكِ ومعه خِيَارٌ، فتَصَرُّفُ المَالِكِ بالوَطْءِ يَمْنَعُ عَمَلَه، كَوَطْءِ البائِعِ الأَمَةَ المَبِيعَةَ فى مُدَّةِ الخِيارِ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ أنَّنا إِذا قُلْنا: الوَطْءُ مُباحٌ. حَصَلَتِ الرَّجْعَةُ به، كما يَنْقَطِعُ بِه التَّوْكِيلُ فى طَلَاقِها. وإِنْ قَلْنا: هو مُحَرَّمٌ. لمْ تَحْصُلِ الرَّجْعَةُ به؛ لأنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، فلا يَكونُ سَبَبًا لِلْحِلِّ، كوَطْءِ المُحَلِّلِ.

فصل: فأمَّا إِنْ قَبَّلَها، أَو لَمَسَها لِشَهْوَةٍ، أو كَشَفَ فَرْجَها ونَظَرَ إليه، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ أَنَّهُ ليس بِرَجْعَةٍ. وقال ابنُ حامِدٍ: فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، هو رَجْعَةٌ. وهذَا قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِمْتاعٌ يُسْتَبَاحُ بالزَّوْجِيَّةِ (٩)، فَحَصَلَت الرَّجْعَةُ به كالوَطْءِ. وَالثَّانِى، أَنَّه (١٠) ليس بِرَجْعَةٍ؛ لأنَّهُ أَمْرٌ لا يَتَعَلَّقُ به إيجابُ عِدَّةٍ ولا مَهْرٍ، فَلا تَحْصُلُ به الرَّجْعَةُ، كالنَّظَرِ. فأَمَّا الخَلْوَةُ بها، فليس بِرَجْعَةٍ؛ لأنَّهُ ليس بِاسْتِمْتاعٍ. وهذا اخْتِيارُ أَبى الخَطَّابِ. وحُكِىَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحابِنا، أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ به؛ لأنَّهُ مَعْنًى يَحْرُمُ مِن الأَجْنَبِيَّةِ، ويَحِلُّ مِن الزَّوْجَةِ، فحَصَلَتْ به الرَّجْعَةُ، كالاسْتِمْتاعِ. والصَّحِيحُ أَنَّهُ لا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بها؛ لأنَّها لا تُبْطِلُ خيَارَ (١١) المُشْتَرِى لِلْأَمَةِ، فلم تَكُن رَجْعَةً، كاللَّمْس لِغَيْرِ (١٢) شَهْوَةٍ، فأمَّا اللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، والنَّظَرُ لذلك ونَحْوُهُ، فليس بِرَجْعَةٍ؛ لأنَّهُ يجوزُ فى غَيِرِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ الحَاجَةِ، فَأَشْبَهَ الحَدِيثَ معها.

فصل: فأمَّا الْقَوْلُ فتَحْصُلُ به الرَّجْعَةُ، بِغَيْرِ خِلافٍ. وأَلفاظهُ: رَاجَعْتُكِ،


(٨) فى ب: "وليس".
(٩) فى م: "بالزوجة".
(١٠) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١١) فى ب، م: "اختيار".
(١٢) فى أ: "بغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>