للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} (٦٦). وهذا كثيرٌ، فلا يَجُوزُ قَطْعُه عن الكلامِ الذى هو فى سِيَاقِه مع إمْكانِ وَصْلِه به، ولو قال: إن كلَّمتِ زيدًا ومحمّدٌ مع خالدٍ فأنتِ طالقٌ. لم تَطْلُقْ حتى تُكَلِّمَ زيدًا فى حالِ كونِ محمدٍ مع خالدٍ، فكذلك إذا تَأخَّرَ قوله: محمد مع خالدٍ. ولو قال: أنتِ طالقٌ إن (٦٧) كلَّمتِ زيدًا وأنا غائبٌ، لم تَطْلُقْ حتى تُكلِّمَه فى حالِ غَيْبتِه. وكذلك لو قال: أنتِ طالقٌ إن كلَّمتِ زيدًا وأنتِ راكبةٌ. أو وهو راكبٌ. أو: ومحمدٌ راكبٌ. لم تَطْلُقْ حتى تُكلِّمَه فى تلكِ الحالِ. ولو قال: أنتِ طالقٌ إن كلَّمْتِ زيدًا ومحمدٌ أخوه مريضٌ. لم تَطْلُقْ حتى تُكلِّمَه وأخوه محمدٌ مريضٌ.

فصل: فإن قال: إن كلَّمْتِينِى (٦٨) إلى أن يَقْدَمَ زيدٌ. أو: حتى يَقْدَمَ زيدٌ، فأنتِ طالقٌ. فكلَّمَتْه قبلَ قُدُومِه، حَنِثَ؛ لأنَّه مَدَّ المَنْعَ إلى غايةٍ هى قُدُومُ زيدٍ، فلا يَحْنَثُ بعدَها. فإن قال: أردتُ إن اسْتَدَمْتِ كلامِى مِن الآن إلى أن يَقْدَمَ زيدٌ. دِينَ. وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ يَحْتمِلُ وَجْهَيْنِ.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ إنْ شئتِ. أو: وإذا شئتِ. أو: متى شِئتِ. أو: كلَّما شئتِ. أو: كيف شئتِ. أو: حيث شئتِ. أو: أنَّى شئتِ. لم تَطْلُقْ حتى تشاءَ، وتَنطِقَ بالمشيئةِ بلسانِها، فتقولَ: قد شئتُ. لأنَّ ما فى القلبِ لا يُعْلَمُ حتى يُعبِّرَ عنه اللِّسانُ، فتَعَلَّقَ الحُكْمُ بما ينْطِقُ (٦٩) به، دونَ ما فى القلبِ، فلو شاءت بقلبِها دونَ نُطْقِها، لم يَقَعْ طلاقٌ، ولو قالت: قد شِئْتُ. بلسانِها وهى كارهةٌ، لَوقعَ الطَّلاقُ، اعتبارًا بالنُّطِق. وكذلك إن علَّقَ الطَّلاقَ بمَشِيئةِ غيرِها. ومتى وُجِدَتِ المَشيئةُ باللِّسانِ، وقعَ الطَّلاقُ، سَواءٌ كان على الفَوْرِ أو التَّراخِى. نصَّ عليه أحمدُ، فى تَعْليقِ


(٦٦) سورة يوسف ١٣.
(٦٧) فى الأصل، م: "لو".
(٦٨) فى أ، ب، م: "كلمتنى".
(٦٩) فى م: "يتعلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>