للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجِماعُ، فَاسْتَوى فى ذلك حالةُ الاخْتِيَارِ والإِكْرَاهِ، كالحَجِّ، ولا يَصِحُّ قِيَاسُ الجِمَاعِ على غَيْرِه فى عَدَمِ الإفْسَادِ، لِتَأَكُّدِهِ بإيجَابِ الكَفَّارَة، وإفْسَادِهِ لِلْحَجِّ مِن بين سائِرِ مَحْظُورَاتِه، وإيجابِ الحَدِّ به إذا كان زِنًا.

فصل: ولا تَجِبُ الكَفَّارَةُ بِالفِطْرِ فى غيرِ رمضانَ، فى قَوْلِ أهْلِ العِلْمِ وجُمْهُورِ الفُقَهَاءِ. وقال قَتَادَةُ: تَجِبُ على مَن وَطِئَ فى قَضاءِ رمضانَ؛ لأنَّه عِبَادَةٌ تَجِبُ الكَفَّارَةُ فى أدَائِها، فوَجَبَتْ فى قَضائِها، كالحَجِّ. ولَنا، أنَّه جَامَعَ (١٤) فى غَيْرِ رمضانَ، فلم تَلْزَمْهُ كَفَارَةٌ، كما لو جامَعَ فى صِيامِ الكَفَّارَةِ، ويُفَارِقُ القَضَاءُ الأدَاءَ؛ لأنَّه مُتَعَيِّنٌ بِزَمانٍ مُحْتَرَمٍ (١٥)، فالجِماعُ فيه هَتْكٌ له، بخِلافِ القَضاءِ.

فصل: وإذا جَامَعَ فى أَوَّلِ النَّهارِ، ثم مَرِضَ أو جُنَّ، أو كانتِ امْرَأَةً فحاضَتْ أو نَفِسَتْ فى أثْنَاءِ النَّهَارِ، لم تَسْقُط الكَفَّارَةُ. وبه قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، وابْنُ الماجِشُون، وإسحاقُ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا كَفَّارَةَ عليهم. ولِلشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كَالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجُّوا بأنَّ صَوْمَ هذا اليَوْم خَرَجَ عن كَوْنِه مُسْتَحِقًّا، فلم يَجِبْ بالوَطْءِ فيه كَفَّارَةٌ، كصَوْمِ المُسَافِرِ، أو كما لو قَامَتِ البَيِّنَةُ أنَّه من شَوَّالَ. ولَنا، أنَّه مَعْنًى طَرَأَ بعد وُجُوبِ الكَفَّارَةِ، فلم يُسْقِطْهَا، كالسَّفَرِ، ولأنَّه أفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا فى رمضانَ بجِمَاعٍ تامٍّ، فاسْتَقَرَّتِ الكَفَّارَةُ عليه، كما لو لم يَطْرَأْ عُذْرٌ، والوَطْءُ (١٦) فى صَومِ المُسَافِرِ مَمْنُوعٌ، وإن سُلِّمَ فَالوَطْءُ ثَمَّ لم يُوجِبْ أصْلًا، لأنَّه وَطْءٌ مُباحٌ، [فى سَفَرٍ أُبِيحَ] (١٧) الفِطْرُ فيه، بِخِلافِ مَسْأَلَتِنَا، وكذا إذا تَبَيَّنَ أَنَّه من شَوَّالَ، فإنَّ الوَطْءَ غيرُ مُوجِبٍ، لأنَّا تَبَيَّنَّا أن الوَطْءَ لم يُصادِفْ رمضانَ، والمُوجِبُ إنَّما هو الوَطْءُ المُفْسِدُ لِصَوْمِ رمضانَ.


(١٤) فى أ: "جماع".
(١٥) فى أ: "محتوم".
(١٦) فى الأصل: "والواطئ".
(١٧) فى الأصل، أ، ب: "فى صوم أباح".

<<  <  ج: ص:  >  >>