للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوُجُوهِ. والثانِى، يَحْتَسِبُ عليه بمُدَّتِه؛ لأنَّ مالَ الكتابةِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فيَحْتَسِبُ بمُدَّةِ الحَبْسِ من الأَجَلِ، كسائِرِ الدُّيونِ المُؤَجَّلَةِ. فعلى هذا الوَجْه، يلْزَمُه أجْرُ مثلِه فى المُدَّةِ التى حَبَسَه فيها. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ على سَيِّدِه تَمْكِينَه مِن التَّصَرُّفِ مُدَّةَ كتابَتِه، فإذا حَبَسَه مُدَّةً، وجَبَ عليه تَأْخِيرُه مثلَ تلك المُدَّةِ؛ ليَسْتَوْفِىَ الواجبَ له، ولأَنَّ حَبْسَه يُفْضِى إلى إبْطالِ الكتابَةِ، وتَفْوِيتِ مَقْصُودِها، ورَدِّه إلى الرِّقِّ، ولأنَّ عَجْزَه عن أداءِ نُجومِه فى مَحَلِّها بسَبَبٍ مِن سَيِّدِه، فلم يَسْتَحِقَّ به فَسْخَ العَقْدِ، كما لو مَنَعَ البائِعُ المُشْتَرِىَ مِن أداءِ الثَّمنِ، لم تَسْتَحِقَّ فَسْخَ البَيْعِ؛ لذلك (١١)، ولو مَنَعَت المرأَة زَوْجَها من الإِنْفاقِ عليها، لم يَسْتَحِقَّ فَسْخَ العَقْد، لذلك (١١)، كذا ههُنا. الوَجْهُ الثالِثُ، أنَّه يَلْزَمُ سَيِّدَه أَرفَقُ الأَمْرَيْنِ به؛ مِن تَخْلِيَتِه مثلَ تللث المُدَّةِ، أو أجْر مِثْلِها؛ لأنَّه قد (١٢) وُجِدَ سَبَبُهما، فكان للمُكاتَبِ أنْفَعُهما.

فصل: وإذا وَصَّى (١٣) بأَنْ يُكاتَبَ عبدُه، صَحَّت الوَصِيَّةُ؛ لأنَّ الكتابةَ يَتَعَلَّقُ بها حَقُّ اللَّهِ تعالى وحَقُّ الآدَمِىِّ (١٤)، فإذا وَصَّى (١٥) به، صَحَّ، وتُعْتَبَرُ قِيمَتُه من ثُلثِه؛ لأَنَّه تَبَرُّعٌ من جِهَتِه، فإنَّه بَيْعُ (١٦) مالِه بمالِه. فإنْ خَرَجَ من الثُّلثِ؛ لَزِمَتْهم (١٧) كتابَتُه، ولا يُعْتَبَرُ مالُ الكتابَةِ من مالِه. ذكرَه القاضى؛ لأَنَّه نَماءُ مالِه وفائِدَتُه، ولأنَّ الاعْتِبارَ بحالَةِ الموتِ، وهو لايَمْلِكُ مالَ الكتابَةِ، ثم يُنْظَرُ؛ فإنْ عَيَّنَ مالَ الكتابَةِ، كاتَبُوه عليه، سَواءٌ كان أقلَّ من قِيمَتِه، أو مثلَها أو أكثرَ. وإِنْ لم يُعَيِّنْه، كاتَبُوه على ما جَرَى العُرْفُ بكتابَةِ مثلِه به. والعُرْفُ أَنْ يُكاتَبَ العبدُ بأكثرَ من قِيمَتِه؛ [الكَوْنِ دَيْنِها] (١٨) مُوجَّلًا. ويجبُ رَدُّ رَيْعِه إليه. ويُعْتَبَرُ فى ذلك رِضَى العَبْدِ؛ لأنَّ الكتابةَ لا تَلْزَمُه، ولا يجوزُ إجْبارُه عليها،


(١١) سقط من: م.
(١٢) سقط من: أ، ب.
(١٣) فى أ، م: "أوصى".
(١٤) فى ب: "للآدمى".
(١٥) فى م: "أوصى".
(١٦) فى الأصل: "يبيع".
(١٧) فى الأصل: "لزمته". وفى م: "لزمهم".
(١٨) فى الأصل: "لكونها".

<<  <  ج: ص:  >  >>