للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوَّلُ أصَّحُّ، إن شاءَ اللهُ، فإنَّ هذا لا مُقَدَّرَ فيه، ولم يَنْقُصْ شيئًا، فأشْبَهَ الضَّرْبَ، وتَضْمِينُ النَّقْصِ الحاصلِ حالَ جَرَيانِ الدَّمِ، إنَّما هو تَضْمِينُ الْخَوفِ عليه، وقد زالَ، فأشْبَهَ ما لو لَطَمهُ فاصْفَرَّ لَوْنُه حالَ اللَّطْمةِ، أو احْمَرَّ، ثُمَّ زالَ ذلك. وتَقْديرُ المرأةِ رَجُلًا لا يَصِحُّ؛ لأنَّ اللِّحْيَةَ زَيْنٌ للرَّجُلِ، وعَيْبٌ فيها، وتَقْدِيرُ ما يَعِيبُ بما يَزِينُ لا يَصِحُّ. وكذلك تَقْدِيرُ السِّنِّ في حالةِ إيرَادِ زَوالِهَا، بحالةٍ تُكْرَهُ، لا يجوزُ؛ فإنَّ الشىءَ يُقَدَّرُ بنَظِيرِه، ويُقاسُ على مِثْلِه، لا على ضِدِّه، ومَن قالَ بهذا الوَجْهِ، فإنَّما يُوجِبُ (١٠) أدْنَى ما يُمْكِنُ إيجابُه، وهو أقلُّ نَقْصٍ يُمْكِنُ تَقْدِيرُه.

فصل: وإنْ لطَمَه على وَجْههِ، فلم يُؤَثِّرْ في وَجْهِه، فلا ضَمانَ عليه (١١)؛ لأنَّه لم يَنقُصْ به جمالٌ ولا مَنْفَعةٌ، ولم يكنْ له حالٌ يَنْقُصُ فيها، فلم يَضْمَنْه، كما لو شَتَمَه. وإنْ سوَّدَ وَجْهَه أو خَضَّرهُ، ضَمِنَه بدِيَتِه؛ لأنَّه فوَّتَ الجمالَ على الكمالِ، فضَمِنَه بدِيَتِه، كما لو قطعَ أُذُنَي الْأَصمِّ، وأنْفَ الأخْشَمِ. وقال الشافعيُّ: ليس فيه إلَّا حُكومةٌ؛ لأنَّه لا مُقَدَّرَ فيه، ولا هو نَظِيرٌ لِمُقَدَّرٍ. وقد ذكرْنا أنَّه نَظِيرٌ لقَطْعِ الأُذنَيْنِ في ذَهابِ الجمالِ، بل هو أعْظَمُ في ذلك، فيكونُ بإيجابِ الدِّيَةِ أوْلَى. وإنْ زالَ السَّوادُ، رَدَّ (١٢) ما أخذَه؛ لزَوالِ سَبَبِ الضَّمانِ. وإنْ زالَ بعضُه، وجَبَتْ فيه حُكومةٌ، ورَدَّ الباقِيَ. وإنْ صَفَّرَ وجْهَه أو حَمَّرَه، فَفِيه حُكومةٌ؛ لأنَّ الجمالَ لم يذْهَبْ على الكمالِ، وهذا يُشْبِهُ ما لو سوَّدَ سِنَّه، أو غَيَّرَ لَوْنَها (١٣)، على ما ذكَرْنا من التَّفصيلِ فيها.

١٥١٧ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ مِمَّا لَيْسَ فِيه شيءٌ مُوَقَّتٌ فِي الْحُرِّ، فَفِيه مَا نَقَصَهُ بَعْد الْتِئَامِ الْجُرْحِ، وَإنْ كَانَ فِيمَا جَنى عَلَيْهِ شَىْءٌ


(١٠) في الأصل: "أوجب".
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "يرد".
(١٣) في ب، م: "لونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>