للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحْلِيلٍ وتَحْرِيمٍ، فكان فى مَحْظُورَاتِها ما يَخْتَلِفُ عَمْدُه وسَهْوُه، كالصلاةِ والحَجِّ. وأمَّا النِّيَّةُ فليس تَرْكُهَا فِعْلًا، ولأنَّها شَرْطٌ، والشُّرُوطُ لا تَسْقُطُ بِالسَّهْوِ، بخِلافِ المُبْطِلَاتِ، والجِماعُ حُكْمُه أغْلَظُ، ويُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عنه.

فصل: وإن فَعَلَ شَيْئًا من ذلك، وهو نَائِمٌ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه؛ لأنَّه لا قَصْدَ له، ولا عِلْمَ بِالصَّوْمِ، فهو أعْذَرُ مِن النَّاسِى. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ، أن مَن فَعَلَ من هذا شَيْئًا جَاهِلًا بِتَحْرِيمِه، لم يُفْطِرْ، ولم أرَه عن غيرِه. وقولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (٣). فى حَقِّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ رَآهُما يَحْجُمُ أحَدُهما صَاحِبَه، مع جَهْلِهِمَا بِتَحْرِيمِه، يَدُلُّ على أن الجَهْلَ لا يُعْذَرُ به، ولأنَّه نَوعُ جَهْلٍ، فلم يَمْنَع الفِطْرَ، كالجَهْلِ بِالوَقْتِ فى حَقِّ مَن يَأْكُلُ يَظُنُّ أن الفَجْرَ لم يَطْلُعْ، وقد كان طَلَعَ.

٤٩١ - مسألة؛ قال: (وَمَن اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ، وَمَنْ ذَرَعهُ القَىْءُ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ)

مَعْنَى اسْتَقَاءَ: تَقَيَّأَ مُسْتَدْعِيًا لِلْقَىْءِ. وذَرْعُه: خُرُوجٌ من غَيْرِ (١) اخْتِيَارٍ منه، فمَن اسْتَقَاءَ فعليه القَضاءُ؛ لأنَّ صَوْمَهُ يَفْسُدُ به. ومن ذَرَعَه القَىْءُ (٢) فلا شَىْءَ عليه؛ وهذا قولُ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. قال الخَطَّابِىُّ: لا أعْلَمُ بينَ أهْلِ العِلْمِ فيه اخْتِلَافًا. وقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على إبْطالِ صَوْمِ من اسْتَقَاءَ عَامِدًا، وحُكِىَ عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، أن القَىْءَ لا يُفْطِرُ. وَرُوِىَ أن النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ثَلَاثٌ لا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْحِجَامَةُ، والقَىْءُ، والاحْتِلَامُ" (٣). ولأنَّ الفِطْرَ بما يَدْخُلُ لا بما


= ٣/ ٢٤٦، ٢٤٧.
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٥١.
(١) سقط من: ب، م.
(٢) سقط من: أ، ب، م.
(٣) أخرجه الترمذى، فى: باب فى الصائم يذرعه القىء، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٤٣. والبيهقى، فى: باب من ذرعه القىء لم يفطر. . .، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>