للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه يُمْكِنُ أن يُفْرِدَ نِصْفَ المالِ، فيَرْبَحَ فيه دونَ النِّصْفِ الآخَرِ، بخِلَافَ نِصْفِ الرِّبْحِ؛ فإنَّه (٤) لا يُؤَدِّى إلى انْفِرَادِهِ برِبْحِ شَىْءٍ من المالِ.

٨٣٢ - مسألة؛ قال: (والْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ بِنَسِيئَةٍ بِغَيْرِ أمْرٍ، ضَمِنَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والْأُخْرَى لَا يَضْمَنُ)

وجُمْلَتُه أنَّ المُضَارِبَ وغيرَه من الشُّرَكاءِ، إذا نَصَّ له على التَّصَرُّفِ، فقال: نَقْدًا أو نَسِيئَةً. أو قال: بِنَقْدِ البَلَدِ. أو ذَكَرَ نَقْدًا غيرَه، جَازَ، ولم تَجُزْ مُخَالَفَتُه؛ لأنَّه مُتَصَرِّفٌ بالإذْنِ، فلا يَتَصَرَّفُ في غيرِ ما أَذِنَ له فيه، كالوَكِيلِ، ولأنَّ ذلك لا يَمْنَعُ مَقْصُودَ المُضَارَبةِ. وقد بَطَلَتْ (١) بذلك الفائدةُ في العادَةِ. وإن أطْلَقَ، فلا خِلَافَ في جَوَازِ البَيْعِ حَالًّا، وفى البَيْعِ نَسِيئَةً رِوَايَتانِ؛ إحْدَاهما، ليس له ذلك. وهو قولُ مالِكٍ، وابنِ أبي لَيْلَى، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه نائِبٌ في البَيْعِ، فلم يَجُزْ له البَيْعُ نَسِيئَةً بغير إذْنٍ صَرِيحٍ فيه، كالوَكِيلِ، وذلك لأنَّ النائِبَ لا يجُوزُ له التَّصَرُّفُ إلَّا على وَجْهِ الحَظِّ والاحْتِيَاطِ، وفى النَّسِيئَةِ تَغْرِيرٌ بالمالِ، وقَرِينَةُ الحالِ تُقَيِّدُ مُطْلَقَ الكَلَامِ، فيَصِيرُ كأنَّه قال: بِعْهُ حالًّا. والثانية (٢)، يَجُوزُ له البَيْعُ نَسَاءً. وهو قولُ أبى حنيفةَ، واخْتِيَارُ ابن عَقِيلٍ؛ لأنَّ إِذْنَه في التِّجارَةِ والمُضَارَبةِ يَنْصَرِفُ إلى التِّجَارَةِ المُعْتَادَةِ، وهذا عادَةُ التُّجّارِ، ولأنَّه يَقْصِدُ به الرِّبْحَ، والرِّبحُ في النَّسَاءِ أكْثَرُ. ويُفَارِقُ الوَكَالَةَ المُطْلَقَةَ (٣)؛ فإنَّها لا تَخْتَصُّ بِقَصْدِ الرِّبْحِ، وإنَّما المَقْصُودُ تَحْصِيل الثَّمَنِ فحَسْبُ، فإذا أمْكَن تَحْصِيلُه من غير خَطَرٍ، كان أَوْلَى، ولأنَّ الوَكَالةَ المُطْلَقَةَ في البَيْعِ تَدُلُّ على أنَّ حاجَةَ المُوَكِّلِ إلى الثَّمَنِ ناجِزَةٌ، فلم يَجُزْ تَأْخِيرُه، بِخِلَافِ المُضَارَبةِ. وإن قال له: اعْمَلْ برَأْيِكَ. فله البَيْعُ نَسَاءً. وكذلك إذا قال له: تَصَرَّفْ كيف شِئْتَ. وقال الشَّافِعِىُّ: ليس له البَيْعُ نَسَاءً في


(٤) في أ، ب: "لأنه".
(١) في الأصل، أ، م: "يطلب".
(٢) في م زيادة: "أنه".
(٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>