للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتَأَخَّرِ النِّيَّةُ عنه، أجْزَأَهُ ذلك. وإن جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فمَوْضِعُ النِّيَّةِ في وَقْتِ الأُولَى من أَوَّلِه إلى أنْ يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُصَلِّيها؛ لأنَّه متى أَخَّرَها عن ذلك بغيرِ نِيَّةٍ صَارَتْ قَضَاءً لا جَمْعًا. ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ وَقْتُ النِّيَّةِ إلى أن يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُدْرِكُها به، وهو رَكْعَة، أو تَكْبِيرَة الإِحْرَامِ، على ما قَدَّمْنَا. والذي ذَكَرَه أصْحَابُنا الأوَّل (٤٤)، فإنَّ تَأْخِيرَها عن (٤٥) القَدْرِ الذي يَضِيقُ عن فِعْلِها حَرَامٌ.

فصل: فإن جَمَعَ في وَقْتِ الأُولَى اعْتُبِرَت المُوَاصَلَةُ بينهما، وهو أن لا يُفَرِّقَ بينهما إلَّا تَفْرِيقًا يَسِيرًا. فإنْ أطالَ الفَصْلَ بينهما بَطَلَ (٤٦)؛ لأنَّ مَعْنَى الجَمْعِ المُتَابَعَةُ أو المُقَارَنَةُ (٤٧)، ولم يُمْكن (٤٨) المُتَابَعَةُ فلم يَبْقَ إلا المُقَارَنَةُ (٤٧)، فإن فَرَّقَ بينهما تَفْرِيقًا كَثِيرًا، بَطَلَ الجَمْعُ، سَوَاءٌ فَرَّقَ بينهما لِنَوْمٍ أو سَهْوٍ أو شُغْلٍ أو قَصْدٍ أو غيرِ ذلك، لأنَّ الشَّرْطَ لا يَثْبُتُ المَشْرُوطُ بِدُونِه، وإن كان يَسِيرًا لم يَمْنَعْ، لأنه لا يُمْكِن التَّحَرُّزُ منه، والمَرْجِعُ في اليَسِيرِ والكَثِيرِ إلى العُرْفِ والعادَةِ، لا حَدَّ له سِوَى ذلك، وقَدَّرَهُ بعضُ أصْحابِنَا بِقَدْرِ الإِقامةِ والوُضُوءِ، والصَّحِيحُ: أنَّه لا حَدَّ له، لأنَّ ما لم يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِه لا سَبِيلَ إلى تَقْدِيرِه، والمَرْجِعُ فيه إلى العُرْفِ، كالإِحْرَازِ والقَبْضِ، ومتى احْتَاجَ إلى الوُضُوءِ والتَّيَمُّمِ، فَعَلَه إذا لم يَطُلِ الفَصْلُ (٤٩)، وإن تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ، لم يَبْطُلِ الجَمْعُ، وإن صَلَّى بينهما السُّنَّةَ، بَطَلَ الجَمْعُ، لأنَّه فَرَّقَ بينهما بِصَلَاةٍ فيبْطُلُ (٥٠) الجَمْعُ، كما لو صَلَّى بينهما


(٤٤) في م: "أولى".
(٤٥) في م: "من".
(٤٦) في م زيادة: "الجمع".
(٤٧) في أ، م: "المقاربة".
(٤٨) في أ، م: "تكن".
(٤٩) سقط من: الأصل.
(٥٠) في أ، م: "فبطل".

<<  <  ج: ص:  >  >>