للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهْى التَّحْريمُ، وهذا يردُّ القِياسَ ويُبْطِلُه (٣)، وحديثُهم عامٌّ، وهذا خاصٌّ يَجِبُ تَقْدِيمُه، وتَنْزيلُ (٤) العامِّ على [ما عَدا ما] (٥) تناوَلُه الحديثُ الخاصُّ، ولأنَّه يَجِبُ حَمْلُ حَدِيثهم على غيرِ مَحلِّ النِّزاعِ لوجُوهٍ؛ منها أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكُنْ ليَفْعَلَ ما نَهَى عنه وإِنْ كان مَكْرُوهًا، قال اللَّه تعالى إخْبارًا عن شُعَيْبٍ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (٦). ولأنَّ أقَلَّ أحْوالِ النَّهْى أَنْ يكونَ مكروهًا، ولم يكن النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيَفْعلَه، فيَتَعَيَّنُ حَمْلُ ما فَعَلَه فى حديث عائِشةَ على غيرِه، ولأنَّ عائشةَ إنَّما (٧) تعلَمُ ظاهِرًا ما يُباشِرُها (٨) به من المُباشَرَةِ، أو ما يَفْعَلُه دائِما، كاللِّباسِ والطِّيبِ، فأمَّا ما يفْعَلُه نادِرًا، كقَصِّ الشَّعَرِ، وقَلْمِ الأَظْفارِ، ممَّا لا يَفْعَلُه فى الأَيَّامِ إلَّا مَرَّةً، فالظاهِرُ أنها لم تُرِدْهُ بِخَبَرِها (٩)، وإن احْتَمَلَ إرادَتَها ايَّاه، فهو احْتِمالٌ بعيدٌ، وما كانَ هكذا، فاحْتِمالُ تَخْصِيصِه قريبٌ، فيكْفِى فيه أَدْنَى دَليلٍ، وخَبَرُنا دليلٌ قَوِىٌّ، فكان أَولَى بالتَّخْصِيصِ، ولأنَّ عائِشَةَ تُخْبِرُ عن [فِعْلِه و] (١٠) أمَّ سَلَمَةَ عن قولِه، والقَوْلُ يُقَدَّمُ على [الفِعْلِ؛ لاحْتمالِ] (١١) أَنْ يكونَ فعلُه خاصًّا له. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يتْرُكُ قَطْعَ الشَّعَرِ وتَقْلِيمَ الأظفارِ، فإنْ فَعَلَ اسْتَغْفَرَ اللَّه تعالَى. ولا فِدْيَةَ فيه إجْماعًا، سواءٌ فَعَلَه عَمْدًا أو نِسْيانًا (١٢).

١٧٥٠ - مسألة؛ قال: (وتُجْزِئُ الْبَدَنةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وكَذلِكَ الْبَقَرَةُ)

وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. رُوِىَ ذلك عن علىٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ (١) مسعودٍ، وابنِ


(٣) فى ب، م: "ويبطلهم".
(٤) فى أ، ب، م: "بتنزيل".
(٥) فى م: "ما عداها".
(٦) سورة هود ٨٨.
(٧) سقط من: م.
(٨) فى ب: "باشرها".
(٩) فى ب: "بنحوها".
(١٠) سقط من: م.
(١١) فى م: "فعل احتمال".
(١٢) فى ب: "سهوا".
(١) فى الأصل، أ، ب: "وأبى".

<<  <  ج: ص:  >  >>