للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لو اكْتَرَى دَارًا، فأغْلَقَها ولم يَسْكُنْها. وإن أجَرَ نَفْسَه لِسَقْىِ نَخْلٍ، كلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، أو بِفَلْسٍ، أو أجْرٍ مَعْلُومٍ، جازَ؛ للأَثَرِ الوارِدِ فيه. ولأنَّ كلَّ عَمَلٍ مَعْلومٍ له عِوَضٌ مَعْلومٌ، فجازَ، كما لو سَمَّى دِلَاءً مَعْرُوفةً. ولا بدَّ من مَعْرِفَةِ الدّلْوِ والبِئْرِ وما يَسْتَقِى (٤) به؛ لأنَّ العَمَلَ يَخْتَلِفُ به.

فصل: ونَقَلَ أبو الحارِثِ، عن أحمدَ، في رَجْلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَةً، في عَشْرَةِ أيامٍ، بعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، فإن حَبَسَها أكْثَرَ من ذلك، فله بكلِّ يومٍ دِرْهَمٌ، فهو جائِزٌ. ونَقَلَ ابنُ منصورٍ عنه، في مَن اكْتَرَى دَابّةً من مَكّةَ إلى جدَّةَ بكذا، فإن ذَهَبَ إلى عَرَفَات بكذا، فلا بَأْسَ. ونَقَلَ عبدُ اللَّه عنه، لو قال: أكْرَيْتُكَها (٥) بِعَشرَةٍ. فما حَبَسَها فعليه كلَّ (٦) يومٍ عَشَرَةٌ. وهذه الرِّوَاياتُ تَدُلُّ على أنَّ مَذْهَبَه أنَّه متى قَدَّرَ لكلِّ عَمَلٍ مَعْلُومٍ أجْرًا مَعْلُومًا، صَحَّ. وتَأَوَّلَ (٧) القاضي هذا كلَّه، على أنَّه يَصِحُّ في الأَوّلِ ويَفْسُدُ في الثاني؛ لأنَّ مُدَّتَه غيرُ مَعْلُومةٍ، فلم يَصِحَّ العَقْدُ فيه، كما لو قال: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْمِلَ لي هذه الصُّبْرَةَ، وهى عَشْرَةُ أقْفِزَةٍ، بِدِرْهَمٍ، وما زاد فبِحُسْبانِ (٨) ذلك. والظاهِرُ خِلَافُ هذا؛ فإنَّ قولَه: فهو جائِزٌ. عادَ إلى جَمِيعِ ما ذَكَرَ قَبْلَه، وكذلك قولُه: لا بَأْسَ. ولأنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا، فصَحَّ، كما لو اسْتَقَى له كلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وقد ثَبَتَ الأصْلُ بالخَبَرِ الوارِدِ فيه، ومَسْأَلةُ الصُّبْرةِ لا نَصَّ فيها عن الإِمامِ، وقِيَاسُ نُصُوصِه صِحّةُ الإِجَارَةِ، وإن (٩) سُلِّمَ فَسَادُها، فلأنَّ القُفْزانَ التي شَرَطَ حَمْلَها غيرُ مَعْلُومةٍ بِتَعْيِينٍ ولا صِفَةٍ، وهى مُخْتَلِفةٌ، فلم يَصِحَّ العَقْدُ لِجَهالَتِها، بِخِلَافِ الأيَّامِ، فإنَّها مَعْلُومَةٌ.


(٤) في ب، م: "يستسقى".
(٥) في الأصل: "اكتريتها".
(٦) في الأصل: "في كل".
(٧) في ب، م: "ويتأول".
(٨) في ب، م: "فبحساب".
(٩) في الأصل: "ولإِن".

<<  <  ج: ص:  >  >>