للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ، حَلَّ بِوُجُودِه (١٣). لأنَّه شَرْطٌ صَحِيحٌ، فكان على ما شَرَطَ.

٦٠٧ - مسألة؛ قال: (فَإنْ قَالَ: أنا أرْفُضُ إحْرَامِى وَأحِلُّ. فَلَبِسَ الثِّيَابَ، وذَبَحَ الصَّيْدَ، وعَمِلَ ما يَعْمَلُه الحَلالُ، كَانَ عَلَيْهِ فى كُلِّ فِعْلٍ فَعَلَهُ دَمٌ، وإنْ كَانَ وَطِئَ، فَعَلَيْهِ لِلْوَطْءِ بَدَنَةٌ، مَعَ ما يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّمَاءِ.)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ التَّحَلُّلَ من الحَجِّ لا يَحْصُلُ إلَّا بِأحَدِ ثلاثة أشْياءَ؛ كَمالِ أفْعالِهِ، أو التَّحَلُّلِ عند الحَصْرِ، أو بالعُذْرِ إذا شَرَطَ، وما عَدَا هذا فليس له أن يَتَحَلَّلَ به. فإن نَوَى التَّحَلُّلَ لم يَحِلَّ، ولا يَفْسُدُ الإحْرامُ بِرَفْضِه؛ لأنَّه عِبادَةٌ لا يَخْرُجُ منها بِالفَسادِ، فلا يَخْرُجُ منها بِرَفْضِهَا، بخِلافِ سائِرِ العِباداتِ، ويكونُ الإحْرامُ بَاقِيًا فى حَقِّه، تَلْزَمُهُ أحْكامُه، ويَلْزَمُه جَزاءُ كلِّ جِنَايَةٍ جَناهَا عليه. وإن وَطِئَ أفْسَدَ حَجَّهُ، وعليه لذلك بَدَنَةٌ، مع ما وَجَبَ عليه من الدِّمَاءِ، سواءٌ كان الوَطْءُ قبلَ الجِناياتِ أو بعدَها، فإنَّ الجِنايةَ على الإحْرَامِ الفاسِدِ تُوجِبُ الجَزاءَ، كالجِنايةِ على الصَّحِيحِ. وليس عليه لِرَفْضِه الإحْرامَ شىءٌ؛ لأنَّه مُجَرَّدُ نِيَّةٍ لم تُؤَثِّرْ شيئا.

٦٠٨ - مسألة؛ قال: (ويَمْضِى فِى [الْحَجِّ الفَاسِدِ] (١)، ويَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الحَجَّ لا يَفْسُدُ إلَّا بِالجِماعِ، فإذا فَسَدَ فعليه إتْمَامُه، وليس له الخُرُوجُ منه. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعلىٌّ، وأبى هُرَيْرَةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّه عنهم. وبه قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. وقال الحسنُ، ومَالِكٌ: يَجْعَلُ الحَجَّةَ عُمْرَةً، ولا يُقِيمُ على حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ. وقال دَاوُدُ: يَخْرُجُ بالإفسادِ من الحَجِّ والعُمْرَةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٢).


(١٣) فى ب، م: "وجوده".
(١) فى الأصل: "حج فاسد".
(٢) أخرجه البخارى، فى: باب النجش. . .، من كتاب البيوع، وفى: باب إذا اصطلحوا على صلح. . .، =

<<  <  ج: ص:  >  >>