للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَحِقُّها بالمِيرَاثِ، فلا حُكْمَ ليَدِه. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يقِفَ الأَمْرُ حتَّى يُعْرَفَ أصْلُ دِينِه، أو يصْطَلِحَا (١١). وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ. ولَنا، ما ذَكَرْناه من الدَّلِيلِ على ظُهُورِ كُفْرِه، وعند ذلك يَتَعَيَّنُ التَّرْجِيحُ لقَوْلِه، وصَرْفُ المِيرَاثِ إليه، وأمَّا ظُهُورُ حُكْمِ الإِسْلَامِ فى الصَّلَاةِ عليه؛ فلأنَّ الصَّلاةَ لا ضَرَرَ فيها على أحَدٍ، وكذلك تَغْسِيلُه ودَفْنُه. وأمَّا قَوْلُه: إِنَّ الإِسلامَ يعلُو ولا يُعْلَى. فإنَّما يعْلُو إذا ثَبَتَ، والنِّزَاعُ فى ثُبُوتِه. وهذا فيما إذا لم يَثْبُتْ [أصْلُ دِينِه] (١٢)، فأمَّا إِنْ ثَبَتَ أصْلُ دِينِه، فالقولُ قولُ مَنْ يَنْفِيه عليه مع يَمِينِه. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال أبو حنِيفةَ: القوْلُ قولُ المُسْلِمِ على كُلِّ حَالٍ؛ لما ذَكَرَ (١٣) فى التى قَبْلَها. ولَنا؛ أَنَّ الأصْلَ بَقاءُ ما كان عليه، فكان القوْلُ قولَ مَنْ يَدَّعِيهِ، كسائِرِ المواضِعِ. فأمَّا إِنْ لم يَعْتَرِفِ المُسْلِمُ بأخُوَّةِ الكَافِرِ، وادَّعى كُلُّ وَاحِدٍ منهما أَنَّ المَيِّتَ أبوهُ دونَ الآخَرِ، فهما سَواءٌ فى الدَّعْوَى (١٤)؛ لتَسَاوِى أيْدِيهما ودَعَاوِيهما، فإِنَّ المسلمَ والكَافِرَ فى الدَّعْوَى سَواءٌ، ويُقْسَمُ مِيراثه نِصْفَيْن، كما لو كان فى أيْدِيهما دَارٌ، فادَّعَاها كُلُّ واحِدٍ منهما، ولا بَيِّنَةَ لهما. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّمَ قولُ المسْلِمِ؛ لما ذَكَرْنا. واللَّهُ أعلمُ.

١٩٤٠ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ أَقَامَ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً أنَّه مَاتَ مُسْلِمًا، وَأَقَامَ الْكافِرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا، أُسْقِطَتِ الْبيِّنَتَانِ، وَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَانَ كَافِرًا. وَقَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَانَ مُسْلِمًا، فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ على الْكُفْرِ إِذَا لَمْ يُؤرِّخِ (١) الشُّهُودُ (٢) مِعْرِفَتَهُمْ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا خَلَّفَ الميِّتُ وَلَدَيْن، مُسْلِمًا وكَافِرًا، فادَّعَى المُسْلِمُ أنَّه ماتَ مُسْلِمًا، وأقامَ [بذلك بَيِّنَةً، وأقامَ] (٣) الكَافِرُ بيِّنَةً من المُسْلِمِين، أنَّه مات كَافِرًا، ولم


(١١) فى الأصل: "ويصطلحا".
(١٢) سقط من: م.
(١٣) فى أ، ب، م: "ذكرنا".
(١٤) فى الأصل، ب، م: "الدعوة".
(١) فى الأصل: "يقدح".
(٢) فى م: "شهود".
(٣) سقط من: الأصل، أ، ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>