فَرُدَّ عليه بِنُكُولِه، فهل له رَدُّه على المُوَكِّلِ؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحَدِهما، ليس له رَدُّه؛ لأنَّ ذلك يَجْرِى مَجْرَى إقْرارِهِ. والثانى، له رَدُّه؛ لأنَّه يَرْجِعُ إليه بغير اخْتِيارِه، أشْبَهَ ما لو قامَتْ به بيِّنَةٌ.
فصل: ولو اشْتَرَى جارِيَةً على أنَّها بِكْرٌ، ثم قال المُشْتَرِى: إنَّما هى ثَيِّبٌ. أُرِيَتِ النِّساءَ الثّقاتَ، ويُقْبَلُ قولُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ. فإن وَطِئَها المُشْتَرِى، وقال: ما أصَبْتُها بِكْرًا. خُرِّجَ فيه وَجْهانِ، بِناءً على الرِّوايَتَيْنِ فيما إذا اخْتَلَفا فى العَيْبِ الحَادِثِ.
فصل: وإن رَدَّ المُشْتَرِى السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ فيها، فأنْكَرَ البائِعُ كَوْنَها سِلْعَتَه، فالقولُ قولُ البائِعِ مع يَمِينِه. وبه قال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأى. ونحوَه قال الأوْزاعِىُّ، فإنَّه قال فى مَنْ صَرَفَ دَراهِمَ بِدَنانِيرَ، ثم رَجَعَ بِدِرْهَمٍ، فقال الصَّيْرَفِىُّ: ليس هذا دِرْهَمِى يَحْلِفُ الصَّيْرَفِىُّ: بالله لقد وَفَّيْتُكَه، ويَبْرَأُ؛ لأنَّ البائِعَ مُنْكِرٌ كَوْنَ هذه سِلْعَتَه، ومُنْكِرٌ لِاسْتِحْقاقِ الفَسْخِ، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. فأمَّا إن جاءَ لِيَرُدَّ السِّلْعَةَ بخِيارٍ، فأنْكَرَ البائِعُ أنَّها سِلْعَتُه، فحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، أنَّ القولَ قولُ المُشْتَرِى. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْى؛ لأنَّهما اتَّفَقا على اسْتِحْقاقِ فَسْخِ العَقْدِ، والرَّدُّ بَالعَيْبِ بخِلافِه.
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا اشْتَرَى ما لا يطَّلِعُ على عَيْبِه إلَّا بِكَسْرِه، كالبِطِّيخِ، والرُّمَّانِ، والجَوْزِ، والبَيْضِ، فكَسَرَهُ فبانَ عَيْبُه، ففيه رِوايَتانِ؛ إحْداهما، لا يَرْجِعُ على البائِعِ بشىءٍ، وهو مذهبُ مالِكٍ؛ لأنَّه ليس من البائِعِ تَدْلِيسٌ، ولا تَفْرِيطٌ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِه بِعَيْبِه، وكَوْنِه لا يمكنُه الوُقُوفُ عليه إلَّا بِكَسْرِه، فجَرَى